قصَّةٌ واقعيَّةٌ سمعتُها قديمًا من أحد وجهاء جدَّة، وأهديها لكلِّ مُبتلى بمرضٍ؛ كي يزداد إيمانُه بأنَّ الله قادرٌ على كلِّ شيءٍ، بما في ذلك الشِّفاء التَّام، وأنَّ الأقدار قد تحمل في طيَّاتها ما يعجز العقلُ البشريُّ عن استيعابِهِ.
والقصَّة هي عن رجلٍ في مُقتبل العُمر، قد انقلبت حياته على أعقابها، حين صارحه الأطبَّاُء بأنَّ لديه ورمًا سرطانيًّا في المخِّ غير قابلٍ للشفاءِ بالأدويةِ، أو الأشعَّةِ، أو بالعمليَّات الجراحيَّة، فنزلت عليه كلماتُ الأطبَّاءِ وكأنَّها حكمٌ بالإعدامِ قد حان موعد تنفيذه، وتدهورت حالته النفسيَّة والجسديَّة، وأدرك أنَّ نهايته قد اقتربت، ولم يكن يملك سوى دعاء الله بالشفاءِ في كلِّ أحواله.
وذات يوم، سقط مغشيًّا عليه، فظنَّ أهلُهُ أنَّها منيَّتُه قد أزِفَت، فهرعُوا به إلى المستشفى، وهناك، وبعد إجراء الفحوصات والأشعَّة، قال الأطبَّاءُ إنَّ جلطة حادَّة قد أصابت شريانه المغذِّي لمنطقة الورم السرطانيِّ، ولا مجال لعمل شيءٍ سوى حقنه بدواء الجلطات مع حتمية تأثُّر منطقة الورم بشكلٍ غير واضحٍ، وأصبحُوا يُردِّدُون حائرِينَ أنَّها من الحالات النَّادرة التي تُصادفهم في حياتهم المهنيَّة.لكنَّ المفاجأة ظهرت لاحقًا، إذْ بعد أيَّام شعر الرَّجل بتحسُّن ملحوظ، وكأنَّه قام من غيبوبة، فكرَّر الأطبَّاءُ الفحوصات والأشعَّة التي تبيَّن منها أنَّ الجلطة قد زالت، وليست هي وحدها التي زالت، بل زال معها الورمُ السرطانيُّ الذي قطعت الجلطةُ عنه الدَّم الذي يُغذِّيه فَضَمرَ رُويدًا رُويدًا حتَّى تلاشى، وعاد الرجل إلى بيته وأهله سليمًا مُعافى من ورمٍ سرطانيٍّ يكفي وحده لقتلِهِ، ومن جلطة دماغيَّة تكفي وحدها لقتلِهِ، لكنَّ اللهَ صدمهما ببعضهما، فقتلَا بعضهُمَا ونجا الرَّجلُ، وهذه معجزةٌ إلهيَّةٌ بكلِّ المقاييس، فسبحان الذي يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ، ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ، وإذَا مَسَّ الإِنسَانُ ضُرٌ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا اللهُ، وإنْ أرادهُ اللهُ بخيرٍ فلَا رادَّ لفضلِهِ، واللهُ يشفي الدَّاء الخطيرَ بالدَّاءِ الأخطرِ، ولو اجتمعَ أطبَّاءُ الدنيَا على معالجةِ الرجل من أحد الدَّائَيْن لعجزُوا، ولكنَّ اللهَ شافاه منهما بلمحِ البصر.
(أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ)؟ أليسَ اللهُ مَن يقول عن نفسه (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ)؟.
بلَى وَرَبِّي.
م. طلال القشقري – جريدة المدينة

