الإنسان لا يزال إنسانا..

الضمير الإنساني اليقظ أساس الإنسان وأساس تميزه عن الكائنات الأخرى، الضمير إن حضر في مواقف قول كلمة حق ونصرة مظلوم، وكان بقدر حضوره وموقفه أثبت أن هذا الإنسان صاحب ضمير حي لا يغره بريق من بعيد، ولا يربكه تهديد من قريب، ولا يثنيه تخاذل ونكران وهجر خلان.
أن تكون إنساناً وصاحب ضمير حي ونظيف وطاهر ونقي وكل مفردات الصدق والنقاء في زمن يعج بقائمة أسهل ما عليها أن تبيع ضمائرها بزينة زائلة، وبمبالغ زهيدة، وقد تبيع صاحبا، وقد تنسى قرابة، وتكون من النذالة ما يفوق الوصف والتصديق!الضمير الإنساني يعني أن الأخلاق الإنسانية لاتزال بخير وهذا الإنسان لايزال إنساناً يرفض ارتداء الأقنعة ويرفض بيع ضميره الإنساني وكأنه يستغني عن كيانه البشري والإنساني في عالم الإنسان السوي.. الضمير يعني الأخلاق وهي أهم ما يميز شخصية الإنسان، إن سكنت شخصيته مكنته من تمييز الخير من الشر وأرشدته إلى العدل عن الظلم، وبينت له طريق الفضيلة عن الرذيلة. فطرة الإنسان أصلها سليمة متى ما حافظ عليها من التلوث والماديات ومتى سما بروحه وقلبه فوق صراعات البشر ومادياتها لعالم روحاني سليم.. متى ما ارتقى بفكره عن تشويش لا يقف ولا يهدأ ولا عن صراعات لا تنتهي ولا تقف إلا بموقف يهز الإنسان ليقف ويستذكر ويتعلم مما أصابه..مهم أن يحرص الإنسان على ضميره وعلى تطهيره ومحاسبته والأهم مراقبته من أن يهوي به فيما لا يحمد عقباه..نعيش زمناً غريباً موازينه مغلوبة وناسه أصبحت بلا ضمير ولا أخلاق للأسف، قد تسكت عن خطأ واضح! قد تصمت وتتوارى عن فساد يستشري ويأكل المكان! قد تعمى عينها وبصيرتها من أن تنكر منكراً.. قد تصفق لأخطاء ولتمثيل سيناريوهات ركيكة! الضمائر طالها الفساد والعفن لدرجة أنها لم يعد لها كيان يميزها عن غيرها من بشر، فساد يستشري سريعاً، يحتاج تدخلات لاقتلاعه ولمضادات وعلاجات قد يستدرك به ما يمكن علاجه! الإنسان السوي والإنسان الذي لايزال يحمل جزءاً بسيطاً من ضمير حي يمكن أن ينمو ويصلح ويقول كلمة حق.. يحتاج من يذكره ويحتاج من ينصحه ويحتاج إيماناً يوقظه ويوقظ ضميره من سبات قد يطول وينسى فيه ذاته ويغيب ضميره!يكون عندك ضمير حي أو لايزال حياً عندما تتألم لفساد بدا يستشري في جهات وإدارات.. يكون لديك ضمير حي عندما لا تقف صامتاً ولا تتوارى بعيداً، وتقول: «وأنا إيش عليّ لا شغلي ولا أملاكي !!». يكون لديك ضمير وبصيرة عندما تنكر المنكر وتقول الحق وتوصله بوسائل وطرق أصحاب القرار ولا تخشى في الله لومة لائم. عندما يكون عندك ضمير لم ينم ولم يغب ولم يصب بالصم والبكم.. عندما تضع مصلحة الوطن والمواطن نصب عينيك وتحرص على المال العام والمصلحة العامة من فساد واستغلال وتحقيق مصالح ومنافع خاصة.يكون عندك ضمير عندما لا تسمح لنفسك لسلب حقوق غيرك وأنت تعلم أنها ليست حقا لك! يكون عندك ضمير إنساني عندما تدرك قدراتك وتعرف مسؤولياتك وواجباتك. وتتحدث بنحن.. وليس بمصلحتك والانا وكم الاستحواذ الذي تحيط نفسك به!..يكون عندك ضمير نقي وصادق..عندما تمارس دور الرقيب من غير تهديد وتكون مواطناً صالحاً وتفكر في المصلحة العامة.. ومصلحة أجيال وأجيال..
آخر جرة قلم:
الضمير عندما يصاب بالضعف والوهن.. ماذا يمكن أن ترتجي منه؟
الضمير عندما يفسد ماذا يمكن أن ننتظر لون ومذاق الثمر؟
الضمير عندما يغيب ماذا يمكن أن تنتظر منه كلمة حق وحقوق وإنصاف؟
الضمير أمانة إن وجدتها في إنسان وجدت الخير وأن الدنيا لايزال فيها نور ساطع وخير حق.
الضمير النابض الحي نعمة وبركة لا يشمل أثره ونتائجه صاحبه فحسب…وإنما يقع أثر هذا الضمير النقي والطاهر على كل من معه وحوله من أسرة وأبناء، فوقوع أثر ونتائج الظلم تكون عاجلة وقادمة عاجلا وآجلا في الدنيا قبل الآخرة، لنحمد الله على ضمائر حية لم يصلها فساد الضمائر ولم يطأ مكانك.. ويأتي بمغريات وأشكال وألوان تنسي الإنسان ضميره وتعمي بصره وبصيرته عن الحق وقوله..
سلوى الملا – الشرق القطرية