العالم في مرمى الصلف الأمريكي

يريد تغيير خريطة العالم على هواه كيفما شاء متحديًا كل القوانين والأعراف الدولية والقواعد السياسية المستقرة، وأسوأ ما قاله إنه سيتم «تهجير أهل غزة عن وطنهم لمدة عشر سنوات ليبنى لهم مساكن فخمة، ثم يعودوا إلى بلادهم مرة أخرى، وكأنه يسخر من عقول العرب والعالم».
■ والأدهى منه قوله: «غزة موقع عقار مميز لا يمكن أن نتركه»، ويقول: «سأشترى غزة وسأوزع أجزاء منها على بعض الدول، ولن يكون للفلسطينيين حق العودة إليها بعد سيطرتنا عليها»، وكأنه يتحدث عن قطعة أرض ورثها عن أجداده وسوف يهب بعضها لمن يحب، والمقصود إسرائيل.
■ وقد ردَّ عليه المستشار الألمانى بقوة: «خطة ترامب بتهجير سكان غزة وتحويلها إلى ريفييرا الشرق مصطلح فظيع للغاية، فتهجير السكان يتعارض مع القانون الدولى، وأتفق مع مصر والأردن فى ذلك»، وقالت مرشحة أمريكية سابقة: «إنه جهل تام وتطهير عرقى كامل».
■ انطلقت عليه حملة شعبية ورسمية عربية شعواء، منها قول البعض: ولماذا لا تُهجر الإسرائيليين إلى ألاسكا بدلاً من تهجير أهل غزة؟، كلام ترامب لا ينطلى على أصغر طفل فلسطينى أو عربى.
■ لم يكتفِ الرجل بذلك بل أراد من قبل ضم خليج المكسيك الذى يعتبره تابعًا لأمريكا، ويريد ضم قناة بنما لدولته، وتعلن خارجيته أن السفن الأمريكية ستعبر قناة بنما دون دفع رسوم، وذلك مثل راكب بلطجى يركب المواصلات دون دفع الأجرة، وترضخ بنما لذلك مؤقتًا تجنبًا للصدام مع الجنون الأمريكى، كما يرضخ السائق المسكين لابتزاز الراكب البلطجى، كلاهما سواء، لم يجد الرئيس البنمى بُدًا من الانسحاب من مبادرة طريق الحرير مع الصين.
■ هدد من قبل الدنمارك بضم جزيرة جرين لاند بالقوة، كما أعلن من قبل أن كندا يجب أن تكون الولاية ٥١ فى أمريكا، لأن كندا أقوى اقتصاديًا من أمريكا وليس عليها ديون، وقد نصح وزير خارجية بريطانيا كندا بألا تلتفت لتصريحات ترامب ولا تعيرها اهتمامًا، ولم يستطع ترامب الرد على بريطانيا لأنها الأدرى به.
■ كما هدد أعضاء حلف الأطلنطى بالانسحاب من الحلف، وأن أمريكا لن تدفع أموالًا للحلف، وأن على دول أوروبا أعضاء الحلف زيادة نفقاتها فيه إلى ٥٪ من دخلها القومى بدلاً من ٢٪، وقال: يكفى أمريكا أنها تحمى أوروبا.
■ وبدأ فى حملة ابتزاز رخيصة لليابان وألمانيا، وقال إن عليهما دفع مقابل لتواجد الجيش الأمريكى فى قواعد عسكرية فى بلادهما لحمايتهما.
■ لم يكتفِ بتلك الابتزازات الرخيصة بل وجَّه صفعة للقاضى العادل مع القيام بتدليل المتهم المجرم، فقد وقع مرسومًا بتوقيع عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها، فى الوقت الذى رحب فيه بـ«نتنياهو» الذى قتل وجرح قرابة ١٥٠ ألفًا من أهل غزة، مما أثار استياء كل منظمات الأمم المتحدة.
■ عاقب جنوب إفريقيا لموقفها المشرف ضد الإبادة الجماعية لأهل غزة.
■ ترامب يريد إنعاش الاقتصاد الأمريكى ليس بالعمل والبحث ولكن بالبلطجة وفرض الإتاوات، وطبعًا العرب سيكون عليهم العبء الأكبر من البلطجة المالية، يعنى يجعل حليفته إسرائيل تقتل أولادهم وتسرق أرضهم وتدمر بلادهم، ثم على العرب تمويل أمريكا ليذهب جزء من هذه الأموال لدعم إسرائيل، وأمجاد يا عرب أمجاد.
■ حاول ترامب ابتزاز مصر والأردن، وأن يفرض عليهما تهجير أهل غزة إليهما، ولكنه وُوجه بصدود شديد ورفض عنيد من الدولتين على المستويين الرسمى والشعبى، فهو لا يملك الكثير من الأوراق للضغط على مصر.
■ لم يعرف أن مصر تحدت أمريكا سنوات، ومن قبل واجهت التحالف الأوروبى الإسرائيلى الشرير فى منتصف الخمسينيات، والمكون من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وتحملت حربًا ضروسًا تمثل فى عدوانها الثلاثى عام ١٩٥٦، ولم ترضخ، مصر أكبر من الرضوخ لترامب أو غيره.
■ ورغم تهديد ووعيد ترامب للجميع وارتدائه الثوب الأسود إذا به يصير كالحمل الوديع مع نتنياهو المدان من المحكمة الجنائية الدولية بارتكابه جرائم حرب، ويهديه كل الأسلحة التى كانت ممنوعة عنه من قبل، ويقول فى سماجة: مساحة إسرائيل صغيرة جدًا ولابد من توسيع مساحتها، والذكى يفهم أنها ستتوسع على حساب الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا وجنوب لبنان.
■ يا حرام إسرائيل المسكينة الغلبانة مساحتها صغيرة وأملاكها قليلة وسط جيرانها العرب المتوحشين، وهذا كله تمهيد ترامبى لضم مساحات أخرى لإسرائيل الكبرى.
■ فما المانع من ضم الجولان مثلاً من سوريا، وما المشكلة فى تنازل العرب عن باقى فلسطين لأختهم الغلبانة القهرانة إسرائيل، زكاة عليها من حر أرضهم؟
■ والحقيقة أن ترامب هو أول رئيس أمريكى يكون بهذه الصفاقة والفجاجة، أمريكا استعمارية وزعيمة للخراب فى العالم بدءًا من فيتنام، لكوريا، وأفغانستان، والعراق… إلخ، ولكن ترامب يفعل ذلك على المكشوف.
■ ترامب يظن أنه سيغير خريطة العالم من مكتبه البيضاوى، يضم ما يشاء من بلاد، يفرض الإتاوات يمنة ويسرة، يبتز من يشاء، يتوعد من يشاء بالقصف والحرب، لم يترك بلدًا إلا وغمزه ولمزه، وفى المقابل على هذه الدول جميعًا أن تُظهر عزمة الأسود فى مواجهة ترامب ليتراجع عن كل طموحاته.
■ العالم خارج أمريكا عدة مليارات يستطيعون استبدال المنتجات الأمريكية بأخرى أوروبية أو يابانية، وهى عادة أكثر جودة من الأمريكية، فلو تضافر العالم كله فتركوا «iPhone» وسيارات فورد وغيرها من المنتجات الأمريكية، فضلًا عن البترول العربى، لركعت أمريكا، ولعلمت أن السياج الذى يريده ترامب حول أمريكا سيضرها قبل أن يضر الآخرين.
■ هناك قرابة ٧ مليارات إنسان خارج أمريكا يستطيعون هزيمة أمريكا اقتصاديًا وتجاريًا وأخلاقيًا، إن صح منهم العزم، ولكن هل يحدث ذلك؟.
ناجح ابراهيم – المصري اليوم