آراء

ماذا لو نفذنا الإعمار بأنفسنا؟!

أبدًا.. لا ينافس التاريخ مصر، لأنها بلد سبق أحداث البلاد والعباد منذ آلاف السنين، ولديه الأدلة الشامخة على ذلك، فتصرفات مصر، قيادةً وشعبًا، تصرفات مسؤولة، وليست محدودة بمليون كيلومتر مربع، بل تمتد لمليارات الأمتار، لترعى وتشمل حتى ما بعد الخليج العربى شرقًا والأطلسى غربًا. هذا قدَرُها، فهى هبة النيل، ناهيك عن ذِكر الله لها فى قرآنه المحفوظ.

ومن التاريخ البعيد إلى اليوم، يظل قدَرُها وقدْرُها مستمرًا، لذلك لا تحتاج فقط إلا للمبادرة القائدة، حتى ولو كانت بمفردها ومنفردة.. القوة متوفرة، والحنكة متأصلة، ومازالت سياستها الخارجية محافظة ورصينة ومهذبة حتى مع المختلين أو المضطربين، بفضل خبرات طوال.

إذن.. لمصر الرصيد الوافر أن تقف وتسأل نفسها: هل يمكننى أن أتصرف منفردة فى قضية مركزية لجموع العرب؟!.. ستكون الإجابة من كاتب السطور: نعم!. لذلك: ما المانع أن تبدأ مصر فى إعمار غزة، حتى لو بالقليل، فى ظل ما أنجزته فى عشر سنين فقط من بنية تحتية وفوقية تثير دهشة الناظرين؟.

عزيزى القارئ، أنت الآن فى زحام من الاستفسارات التى قد يثيرها الطرح السابق، مثل: كيف ندخل غزة أو رفح الفلسطينية دون تنسيق؟ وإذا نجحت فى ذلك فمن أين التمويل؟.. هل فكرت فى رد الفعل الإسرائيلى أم هل تدبرت ما سيفعله «مقاول العالم» السيد ترامب؟.

الاستفسارات منطقية، بل بديهية، ودعنا نفند الأمر، ونبدؤه باقتراح: كيف ندخل أرض غزة؟.. والإجابة بسيطة.. إن الحرب انتهت داخل القطاع وعاد النازحون، لكن على أطلال منازلهم، وبالتالى هم أصحاب التفاوض، وهم الأشقاء، فلا توجد موانع، خاصة أن مصر ترمم الآن «إدارة القطاع» عبر اقتراحها واحتضانها «لجنة الإسناد المجتمعى لحكم غزة».

مصر فى قلوب الشعب الفلسطينى، وتقف منذ سبعة وسبعين عامًا خلف القضية، ومن هذا الرصيد تنطلق نقطة التمويل، وشعبنا المصرى بخير، التمويل يأتى من تبرعات شعب مصر العظيم المتعطش لها منذ العدوان السافر على الأطفال والشيوخ والنساء، بل والأخضر واليابس، بجريمة حرب يرغب فى استكمالها بتطهير عرقى صارخ، تتصدى له بكل حزم وحكمة القيادة المصرية.

توقُّعى أن يتكالب المصريون ومن أراد من باقى شعوب العرب على هذه التبرعات، خاصة أنها مضمونة الوصول لأهدافها، وستكون هذه التبرعات أيضًا تنشيطًا للشركات المصرية الداعمة والمخلصة فى قطاعنا الخاص الداعم.

وللتذكرة.. فى مصر عمالقة المقاولات، العالميون منهم والإقليميون، وعلماء الهندسة المعمارية، إذ منهم من غزا العالم بعلمه، ومنهم من ينتظر من الخريجين، كما لدينا أكبر صناع حديد التسليح والأسمنت ومواد البناء، ناهيك عن المطورين المبدعين الذين تشهد لهم صحراء مصر. كما يمكننا أن نتعامل مع الإعمار على مراحل تستغرق سنوات، نظرًا لصعوبة جمع تكلفة إعادة الإعمار بالكامل، والتى قد تصل وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة إلى ٥٣ مليار دولار، لكن المثل المصرى يقول: «الجود من الموجود»، وسيقابلها من الأشقاء الفلسطينيين «بصلة المحب خروف»، ولتبدأ بالمستشفيات والكرافانات التى تنتقل من مكان لآخر لتوفير ولو أدنى أساسيات الحياة.

أما عن ردة فعل الاحتلال، فقد أجبنا دون قصد فى استهلال هذا السرد، حين تحدثنا عن وزن مصر، كقوة لا ينكرها إلا جاحد، أو حاسد، أو خائن، فهى الثقل الذى يزن الشرق مع الغرب، وهى الحصن والدرع للأشقاء، ولا يجرؤ على منعها حين اتخاذ القرار أى أحد، بل سيطلب الطاولة والتفاوض من موضع ضعف.

وسأختم بالمقاول الفكاهى «ترامب» الذى ينظر لغزة من خلال نظارة صديقه مارك زوكربيرج، ذات تقنية «ميتافيرس»، لذلك يراها الرجل «ريفييرا الشرق»، سيكسر هذا الطرح عدسات نظارته، ليعود إلى الواقع، أو لا يعود، فلا عقوبات تستطيع أن تهز بلاد الأهرامات، حتى وإن كانت منع المساعدات، والتى لن يقوى على قرارها، لأنها وفقًا لاتفاقية تاريخية، سترعب حليفته وتكسر ذراعه بالمنطقة، إذا فقط وجهت مصر إليها النظر، كما لن تتركه مؤسسات «العم سام» يحرض صندوق النقد ضد مصر، فسيكون وقتها التكاتف والاصطفاف الداخلى درعًا منيعًا.

محمد عبدالعاطي – المصري اليوم

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى