ماهي السفن والطائرات وفق القانون القطري؟
المنقولات هي الأشياء التي يمكن نقلها من مكانها من دون تلف، ومنها السفن والطائرات التي تعد منقولات بطبيعتها، وإن كانت ذات طبيعة خاصة؛ بل إنها تعد تكريسًا واضحًا لهذا المفهوم، وأكثرها قدرة على التنقل والحركة من مكان إلى آخر، وإمكانيتها في قطع المسافات لا تقتصر على منطقة واحدة ولا على دولة، بل باستطاعتها أن تجتاز الأقاليم والمحيطات وتمضي قدمًا على أكثر من نظام قانوني. وحري بنا التطرق لمفهوم السفينة وما يميزها عن غيرها من المنشآت، والطائرة وما يجعلها تتفرد عن مثيلاتها من المركبات.
وتعد السفن والطائرات الأدوات أو المحركات الأساسية لأعمال الملاحة البحرية والجوية، وقد خصها المشرع وعدّ الأعمال التي تتم بواسطتها أعمالًا تجارية، فنصت المادة (6) من القانون التجاري القطري على أنه “يعد عملًا تجاريًا جميع الأعمال المتعلقة بالملاحة البحرية والجوية، وبوجه خاص، ما يلي:
إنشاء السفن أو الطائرات، وبيعها وشراؤها وإيجارها واستئجارها وإصلاحها.
الإقراض والاستقراض.
العقود المتعلقة باستخدام ربان السفينة وملاحيها وقائد الطائرة وملاحيها، وسائر العاملين بهما.
النقليات البحرية والجوية، وكل عملية تتعلق بها كشراء أو بيع لوازمها من مهمات وأدوات وذخائر ووقود وحبال وأشرعة ومؤن ومواد تموين الطائرات.
التأمين البحري والجوي، بأنواعه المختلفة”.
وفي هذا المقام، عرف المشرع القطري السفينة في المادة (1) من القانون البحري القطري بقوله: “هي كل منشأة صالحة للملاحة تعمل عادة في الملاحة البحرية أو تكون معدة لذلك ولو لم تستهدف الربح. وتعتبر ملحقات السفينة اللازمة لاستثمارها جزءًا منها”. وعليه يلزم حتى نميز السفينة عن باقي المنشآت، توافر عدة مقومات لها وهي:
أولًا: أن تكون منشأة صالحة للملاحة البحرية:
مؤدى هذا الشرط أن تكون المنشأة قادرة على السير في البحار بوسائلها الخاصة، ومخصصة للملاحة البحرية، ولم يعرّف المشرع القطري الملاحة البحرية تاركًا هذه المهمة للفقه، وقد عرفها الأخير – بعيدًا عن الخلافات الفقهية والمستقر عليه – بأنها الملاحة التي تتم بواسطة سفينة بغض النظر عن حجمها في البحر بأوصافه الجغرافية والطبيعية والجيولوجية، وتكون محفوفة بمخاطرها خاصة أثناء رحلتها بين ميناءي القيام والوصول.
وتأسيسًا على ذلك، يجب أن تكون السفينة قادرة على الملاحة بوسائلها الخاصة في البحر، ومتصدية للمخاطر البحرية، وبناء عليه يخرج من مفهوم السفينة ما يأتي:
المنشأة المخصصة للملاحة الداخلية، وهي ما تعرف باسم المراكب، كالزوارق والقوارب ونحوها.
المنشأة العائمة غير القادرة على الملاحة البحرية كالرافعات والأحواض وما إلى ذلك.
ثانيًا: أن تعمل السفينة عادة في الملاحة البحرية:
من المستقر عليه أنه لا يكفي أن تكون المنشأة صالحة للملاحة البحرية؛ بل يجب أن تخصص وتعد إعدادًا للعمل في هذا النطاق. وبناء عليه، تعد مركبة ولا تأخذ وصف السفينة، المنشآتُ التي تخصص للملاحة النهرية ولو كانت قادرة على الملاحة البحرية، ويلازمها هذا الوصف وإن قامت على سبيل الاستثناء بملاحة بحرية لمرة واحدة أو لعدة مرات متباعدة، والعكس صحيح؛ أي إنه تعد سفينةً المنشآتُ التي تخصص للملاحة البحرية، ولو كانت قادرة على الملاحة النهرية، ولا ينزع هذا الوصف في حال قامت السفينة على سبيل الاستثناء بملاحة نهرية.
إضافة إلى ما سبق، تأخذ الملحقات اللازمة لعمل السفينة حكم السفينة تطبيقًا لقاعدة الفرع يتبع الأصل، ويمتد إليها الوصف القانوني باعتبارها جزءًا من السفينة، سواء كانت هذه الملحقات متصلة بها أم منفصلة عنها، كقوارب النجاة والرافعات والآلات، وهذا ما جاءت به المادة (1/2) من القانون البحري القطري؛ حيث نصت على أنه “… وتعتبر ملحقات السفينة اللازمة لاستثمارها جزءًا منها”.
أما بالنسبة للطائرات فقد عرفها المشرع القطري في المادة (6/1) من قانون الطيران المدني القطري بأنها “كل آلة في استطاعتها أن تستمد بقاءها في الجو من ردود فعل الهواء غير المنعكسة من سطح الأرض، وتشمل جميع المركبات الهوائية، مثل المناطيد والبالونات والطائرات الشراعية والطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمتحركة”.
وعليه يتبين لنا أن هناك عدة أمور يجب توافرها حتى تعتبر المركبة طائرة، وهي:
أن يكون رد فعل الهواء هو السبب الرئيس لبقائها في الجو، فيكون بقاؤها في الجو قائمًا على رد فعل الهواء. وبالتالي، يخرج من نطاق وصف الطائرة الآلات التي يكون رد فعل الهواء لبقائها في الجو عاملًا ثانويًا، كالصواريخ والمركبات.
ألا يكون رد فعل الهواء منعكسًا من سطح الأرض – بمعناه الواسع حيث يشمل اليابسة والماء – ولذلك ينتفي وصف الطائرة عن الزلاقة والزحافة الهوائية؛ لأن بقاءها في الجو مقاربةً لسطح الأرض راجعٌ إلى رد فعل الهواء الذي يخرج من محركها منطلقًا نحو السطح.
عبدالرحمن هاشم السيد – الشرق القطرية
