بعد ريغان و”حرب النجوم”.. ما نعرفه عن قبة أميركا الحديدية

في عام 1983 أعلن الرئيس الأميركي، رونالد ريغان، عن رغبته في إنشاء نظام دفاعي صاروخي في الفضاء، وكان الأمر أشبه بأفلام الخيال العلمي لدرجة أنه أطلق على هذه المبادرة وصف “حرب النجوم”.
وبعد نحو 4 عقود، يأتي رئيس أميركي آخر، هو دونالد ترامب، ليخرج بمبادرة مشابهة: نظام دفاعي ليس على الأرض ولا داخل الغلاف الجوي، ولكن في الفضاء.
فماذا تحمل هذه المبادرة؟
في الثالث والعشرين من مارس عام 1983، أعلن ريغان، في خطاب متلفز إلى الأمة، عن نيته تطوير نظام دفاع وطني، أطلق عليه “مبادرة الدفاع الاستراتيجي”.
يتضمن هذا النظام نشر أسلحة في الفضاء قادرة على حماية البلاد من هجمات نووية سوفييتة خلال زمن الحرب الباردة.
وكان يفترض أن يبنى هذا النظام على عدة طبقات من الحماية الفضائية تضمن تدمير الصواريخ الباليستية للأعداء تلقائيا أثناء إطلاقها، أو تحليقها، وفي مراحلها النهائية.
واعتمدت الفكرة على التكنولوجيا المستقبلية، مثل أنظمة الليزر الفضائية التي لم يكن قد تم تطويرها بعد، وفق أرشيف وزارة الخارجية الأميركية.
هذا الأمر جعل الفكرة تشبه، بحسب البعض، أفلام الخيال العلمي.
وأطلق منتقدو ريغان على المبادرة وصف “حرب النجوم” بعد الفيلم الذي يحمل الاسم ذاته.
لكن يبدو أن هذ الهدف الذي لم يتحقق، يراود ترامب، الذي أصدر، الاثنين، أمرا تنفيذيا بإنشاء قوة دفاعي صاروخي في الفضاء أطلق عليها “القبة الحديدية لأميركا” على غرار تلك التي تستخدمها إسرائيل.
وسبق أن تحدث ترامب عن إنشاء هذا النظام لتعزيز الأمن العسكري الأميركي، ووعد خلال حملته الانتخابية، في عام 2024، ببناء “درع دفاعي صاروخي على أحدث طراز مصنوع في الولايات المتحدة”.
وفي أمره التنفيذي، ذكََّر ترامب بما حاول ريغان فعله: “سعى الرئيس رونالد ريغان إلى بناء دفاع فعال ضد الهجمات النووية، ورغم أن هذا البرنامج أسفر عن العديد من التقدم التكنولوجي، فقد تم إلغاؤه قبل أن يتمكن من تحقيق هدفه”.
وقال إنه على “مدى السنوات الأربعين الماضية، بدلا من أن يتقلص، بات تهديد الأسلحة الاستراتيجية من الجيل التالي أكثر كثافة وتعقيدا”.
وتحدث القرار عن “التهديد بالصواريخ الباليستية والصواريخ الأسرع من الصوت وصواريخ كروز، وغيرها من الهجمات الجوية المتقدمة.. التهديد الأكثر كارثية الذي تواجهه الولايات المتحدة”.
وكان ترامب، في فترة ولايته الأولى، أنشأ ” قوة الفضاء الأميركية”.
في ذلك الوقت، كانت وكالات الاستخبارات العسكرية الأميركية تحذر من أن روسيا والصين تعززان قدراتهما الفضائية، وتطوران أنظمة أسلحة قادرة على ضرب الأقمار الصناعية الأميركية.
وكان من ضمن أهداف قوة الفضاء، وفق أمر ترامب التنفيذي حينها، حماية الأقمار الصناعية الأميركية من أي اعتداء مادي (عبر الاصطدام بجسم آخر، أو بواسطة صاروخ) ومن أي محاولة قرصنة أو تشويش من جانب الخصوم، وكذلك إلى تطوير قدرات عسكرية هجومية في الفضاء.
وأشار إلى أنه ستكون لدى هذه القوة مسؤولية حماية المصالح الأميركية و”ردع أي عدوان” على الولايات المتحدة أو حلفائها.
وخلال السنوات التالية، استمرت الاستخبارات الأميركية في التحذير من تسليح صيني وروسي للفضاء الخارجي، وتحدثت عن محاولات لتعطيل عمل الأقمار الصناعية الأميركية وقدرتها على التحرك في المدار بحرية، أو حتى محاول تدميرها.
وهو ما تحاول قوة الفضاء التصدي له، وتعمل القوة حاليا على بناء حلقة مدارية منخفضة من الأقمار الصناعية التي يمكنها تتبع واكتشاف عمليات إطلاق الصواريخ المحتملة بشكل أسرع، وفق أسوشيتد برس.
لكن إنشاء طريقة لإسقاط الصواريخ من الفضاء هو شيء لم تفكر فيه الولايات المتحدة منذ مبادرة ريغان.
و يبدو أن “القبة الحديدة” الأميركية ستختلف عن تلك الإسرائيلية.
صممت إسرائيل نظام “القبة الحديدية” لتدمير الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية والطائرات دون طيار، التي تستهدف المناطق المأهولة بالسكان.
ويستطيع الصاروخ اعتراض قذيفة من مسافة 4 إلى 70 كيلومترا، ويمكنه تحديد ما إذا كانت الصواريخ المعادية ستسقط في مناطق مفتوحة أو مراكز مدنية، وبالتالي اختيار ما إذا كان سيتم اعتراضها.
ونُصبت البطارية الأولى، في إسرائيل في مارس 2011، بالقرب من مدينة بئر السبع الجنوبية على بعد نحو 40 كيلومترا من قطاع غزة.
وقد نشرت بطاريات أخرى منذ ذلك الحين بهدف الدفاع عن كامل الأراضي الإسرائيلية، واستخدمت بالفعل في العديد من المواجهات بين إسرائيل والحركات المسلحة في قطاع غزة.
وفي أمره التنفيذي الذي أصدره في وقت متأخر الاثنين، الذي أطلق عليه “القبة الحديدية لأميركا”، دعا ترامب إلى إنشاء نظام دفاع صاروخي متعدد الطبقات قادر على مواجهة مجموعة التهديدات من الفضاء.
ويشمل القرار تطوير ونشر صواريخ اعتراضية فضائية.
وقال القرار إنه سيتم حماية “المواطنين والأمن من خلال نشر وصيانة درع دفاع صاروخي من الجيل التالي”.
ودعا ترامب وزير الدفاع إلى صياغة خطة تفصيلية، خلال 60 يوما، تتضمن “الدفاع عن الولايات المتحدة ضد الصواريخ الباليستية والصواريخ الأسرع من الصوت وصواريخ كروز المتقدمة وغيرها من الهجمات الجوية من الجيل التالي للخصوم المتناظرين وشبه المتناظيرن والمارقين”.
ووجه بـ”تطوير ونشر القدرات” لمواجهة الهجمات الصاروخية للخصوم أثناء الإطلاق وكذلك في المراحل النهائية.
ويشير القرار أيضا إلى “نشر القدرات غير الحركية لتعزيز الهزيمة الحركية للصواريخ الباليستية والصواريخ الأسرع من الصوت وصاريخ كروز المتقدمة وغيرها من الهجمات الجوية من الجيل التالي”.
(الجدير بالذكر أن الهجمات الحركية تعني عسكريا الهجمات المادية المباشرة، أما غير الحركية تعني الهجمات غير المادية مثل أنظمة الحرب الإلكترونية).
واعتبر مصدر في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) للحرة، الاثنين، أن هذا المشروع سيكون “ضخما وحساسا”.
وأضاف أن أي نظام من هذا النوع “يجب أن يتلاءم مع احتياجات الولايات المتحدة الدفاعية، وينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار معايير عدة بينها المساحة الجغرافية للولايات المتحدة مقارنة بإسرائيل، بالإضافة إلى نوع التهديدات المتوقعة للأراضي الأميركية، وأن يعنى بتحديد أماكن نشر هذه المنظومة”.
الحرة