آراء

حقيقتان لن ينكرهما التاريخ

سؤال لكل من قالوا إن حماس غامرت في السابع من أكتوبر بحرب لن تستطيع أن تتحملها وستنهزم. هؤلاء هل يدركون الآن أن الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، يعني أنه لم تكن هناك أي فرصة لنتنياهو للانتصار. هو الذي ناور في كل محاولة سابقة في الاتفاق، وحوَّل المسألة إلى حرب دينية، ولم يتهمه هؤلاء المعادون لحماس بذلك، بل ظلوا على فكرتهم القديمة أن حماس والقسام محوران دينيان. كأن الدفاع عن الوطن ليس من الدين. تغافلوا عن الحقيقة وهي أنه في القضية الوطنية تتحد كل الاتجاهات. عام وأربعة أشهر الآن قام فيها الصهاينة بإبادة كبيرة للنساء والأطفال والأطباء والصحفيين والمنازل والبنايات والمستشفيات، وفي النهاية يوافقون على تبادل الأسرى على عدة مراحل وإيقاف الحرب. هل لو كان هناك ثمة أمل لهم كانوا سيوافقون؟ أرهقوا الدول التي توسطت مثل قطر ومصر، وراوحوا في الأمر ومعهم أمريكا حتى ظهر ترامب في الصورة فاختلف الأمر، رغم أنه هو الذي جعل القدس كاملة عاصمة لإسرائيل. رأيت بايدن في خطابه بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، يقول إن هناك ضحايا من الجنود الإسرائيليين والأمريكان، وضحايا مدنيين من أهل غزة. أدهشني أنه يعترف أخيرا بالضحايا المدنيين من أهل غزة، ولم أجد تفسيرا غير أنه يريد أن يرفع شعارا إنسانيا كاذبا، هو الذي دعم إسرائيل بكل الأسلحة، واعترض على كل قرار إدانة في الأمم المتحدة، ولم يعترف بقرار المحكمة الدولية ضد نتنياهو كمجرم حرب. إن مشهد جنود القسام بين أهل غزة بعد وقف إطلاق النار، والاحتفال والفرح الذي شمل الجميع، يقول بوضوح إن أهل غزة على ثقة في قادتهم، وأملهم في النصر لم ولن يختفي.

* اتفاق وقف إطلاق النار كانت إسرائيل مجبرة عليه أو اضطرت إليه ومعها أمريكا فلا طريق لهما للنصر. هذه هي الحقيقة الأولى. الثانية أن المعركة أظهرت المعنى الشعبي للقتال ضد العدو، بعد سنوات طويلة من الصمت الرسمي للدول عربية أو أجنبية. كل الاتفاقات السابقة من أجل السلام مع إسرائيل منذ كامب ديفيد، مرورا بأوسلو وغيرها استغلتها إسرائيل للتوسع في المستوطنات، وأسر كل المقاومين، وبدا أنها اعتبرت التطبيع الذي جرى مع دول عربية هامة، يعني سكوت الشعب الفلسطيني عن قضيته الحقيقية. تعامت عن حقيقة أن هذه أرض الشعب الفلسطيني عبر التاريخ. أما اليهود فكل الحكايات القديمة أساطير، وظهورهم الكبير في فلسطين كان بدعم دول أوروبية مثل إنجلترا وفرنسا، وأمريكا فيما بعد بسبب ما مروا به من اضطهاد في الإمبراطوريات القديمة، الفرنسية وألمانيا النازية. صور هجرتهم إلى فلسطين تملأ الكتب والفيديوهات القديمة، لكنهم بعد أن استقروا رفعوا راية الأساطير في وطن لهم من النيل إلى الفرات، ووجدوا من الغرب قبل ذلك من يؤيدهم ويدعمهم لزرع شوكة كبرى في المنطقة العربية تؤثر على نموها واستقرارها سواء بمعاهدة سايكس بيكو أو بوعد بلفور. الحرب الرسمية بين العرب وإسرائيل توقفت منذ كامب ديفيد، لكن الحرب الشعبية رفعت الراية الحقيقية كما فعلت من قبل في ثورة الحجارة وغيرها. ستظل هذه الحرب الشعبية رغم نوم الحروب الرسمية، فالأجيال القادمة فى فلسطين لن تنسى جرائم الحرب الصهيوينة. إسرائيل الآن في تحدٍّ كبير لن يفلح معه العودة إلى الحرب لأي سبب. الصعود الذي رأيناه في حرب إسرائيل ينحدر إلى طريق النهاية كما أجمع كثير من المفكرين. ستزداد منها الهجرة، ويتفسخ المجتمع بين دينيين وعلمانيين وغير ذلك كثير سنراه.

ابراهيم عبدالمجيد – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى