آراء

أرجوكم.. بيضوا بعيدًا عنا!

مثلما أن هناك نوعا من الدجاج يوصف بأنه بيّاض، أى كثير البيض، فإن من الرجال من يمكن أن تصفه بضمير مستريح بأنه من النوع البيّاض أيضا، وهؤلاء قد أفسدوا زماننا ولوّنوا أيامنا بألوان غير مبهجة.. ونحن لا نطلب منهم أن يتوقفوا عن وضع البيض، كل ما نرجوه أن يبيضوا بعيدا عنا.. فهل هذا كثير؟ إنهم لا يعملون أبدا بنصيحة الحكيم الهندى القديم الذى قال: إذا أردت أن تبيض، روح بيض بعيد. مهما طلبت منهم ذلك فإنه لا يحلو لهم إلا أن يضعوا بيضهم بجوارك وكأنك موصوفٌ لهم!.

تفتح التليفزيون فإذا بكرتونة بيض تنفجر فى وجهك بصرف النظر عن نوع القناة وعن مقر البث.. تعددت القنوات والبيض واحد. يحاصرنا الأومليت فى الدراما وفى البرامج والإعلانات وبرامج الطبخ التى أغرقتنا بيضا حتى لو كانت مكونات الطبخة التى يقدمها الشيف المستظرف تخلو من البيض! وإذا هربت إلى البرامج الرياضية وماتشات الكرة لم تجد فى الغالب سوى مباريات هزيلة يصاحبها تعليق لزج ركيك يدل على ضحالة فكر ورداءة تعليم، والمباريات نفسها ليس بها من كرة القدم سوى اسمها، لكن الناس تتابعها بسبب الغُلب وعدم القدرة على الاشتراك فى القنوات التى تنقل كرة القدم الحقيقية. وحتى القضايا التى يركزون عليها وكأنها حديث المدينة أو ما يهم الناس ليست فى حقيقتها سوى قضايا «ممششة» وصفارها سائح على بياضها، وفى أحيان كثيرة تكون بصفارين مثل حكاية فستان رانيا وملابس سامية وحكاية بائع الفريسكا والواد بتاع محل الكشرى وسيدة القطار والمخبر الذى يبيع الموز، إلى آخر هذه السخافات!.

أما عن الصحف فحدِّث ولا حرَج، أغلبها لم يعد ينتج سوى العِجّة.. والغريب أن عِجّتهم أصبحت تشبه طعمية هذا الزمان، أى خالية من الخُضرة التى يستعيضون عنها الآن بالكرّات!.. صحف ومجلات كثيرة ومئات الصفحات لكنها فى الحقيقة لا أحد، لا شىء، صورة من البرافدا السوفيتية. ولعل انهيار توزيع الصحف يوضح بجلاء رأى الناس فى الصحف، وهنا قد يجوز اعتبار التوزيع استفتاء على رأى الناس فى الصحافة، وهو يختلف عن الاستطلاعات التى تقيمها بعض الجرائد حول أحسن ممثل وأحسن مسلسل وأحسن راقصة وأحسن كاتب!.. والغريب أن مسابقات أحسن وأفضل وأجمل وأطعم هذه لم تدخل حياتنا إلا بعد أن خلت هذه الحياة من الحَسَن والفاضل والجميل والطِعِمْ فى الفن والإعلام!.
ومثلما كتب الراحل أمل دنقل ذات يوم: مَن يوقف فى رأسى الطواحين؟.. فإننى أحذو حذوه متسائلا: من يوقف البيض المتدفق ويمنع تكسيره على رؤوسنا أو «طشه» فى وجوهنا؟ من يُلزم الرجال التى تبيض بأن ترحمنا وتبيض بعيدا حتى يخلو لنا وجه الحياة ونستطيع أن نعيش مثل البنى آدمين؟!.

أسامة غريب – المصري اليوم

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى