Site icon كوش نيوز

السوريون فى مصر

فى يومٍ من الأيام كنا شعبًا واحدًا، وكان لنا جواز سفرٍ واحد، وكان الانتقال والسفر بين القاهرة ودمشق مثل زيارة طنطا أو حلب.. وفى مصر الآن عائلاتٌ كاملة، الأم فيها سورية، وهو ما حدث فى دمشق أيضًا.. ولا يوجد فنان سورى لم يمر من القاهرة ويحقق شهرته فيها، ابتداءً بنزار قبانى وانتهاءً بصباح فخرى. كان محمد عبدالوهاب يقول: «من لم يغنِّ فى حلب لم يعرف الغناء» وفى سوريا نخبة من كبار المبدعين العرب فى كل المجالات: شعرًا، ونثرًا، وروايةً، ومسرحًا. وفى دمشق، المدينة، أقدم صفحات الدولة الأموية، وهى أقدم عواصم الحضارة العربية..

وإذا كانت سوريا قد عاشت تجربة قاسية فى ظل حكم مستبدٍ ظالمٍ، وجعلت ملايين السوريين يهربون من الموت والسجون والمعتقلات، فإن من حقهم الآن أن يفرحوا بهروب الطاغية.. منذ سنوات، احتلت صورة طفل سورى صغير كل وسائل الإعلام، فقد مات غرقًا على أحد الشواطئ، ولم يكن الطفل الوحيد.. فقد أخذت العائلات الأوروبية كل أطفال سوريا وانتزعتهم من أحضان آبائهم، وأعادت تشكيلهم تعليمًا، وسلوكًا، ودينًا، وثقافةً.. ولا أحد يعلم أين هم هؤلاء الآن بعد أن تشردوا فى البيوت والملاجئ..

الشعب المصرى استقبل يومًا المهاجرين السوريين بكل الحب والاهتمام، ولم يبخل عليهم بعملٍ أو مالٍ أو رعايةٍ؛ لأنهم ليسوا أغرابًا، إنهم فى وطنهم الذى كان يُسمى يومًا الجمهورية العربية المتحدة.. وإذا قرر السوريون فى مصر العودة إلى بلدهم، يجب أن نودعهم بكل مشاعر الأخوة والمحبة والتقدير.. كل الحكاية أنهم انتقلوا إلى وطنهم الثانى فى مصر أمام ظروفٍ صعبةٍ فرضت عليهم الرحيل، وعادوا إلى وطنهم الأول بعد أن زالت الغمة.. السوريون فى مصر ليسوا ضيوفًا علينا، إنهم أصحاب وطن..

فاروق جويدة – بوابة الأهرام

Exit mobile version