إلى ما قبل ثورة الإنترنت وميلاد مواقع وبرامج التواصل الحديثة كانت صحفنا الورقية تحظى بانتشار واسع، وكانت تفوز بكعكة الإعلان الذي هو مصدر حياتها وشريان بقائها، حتى إن بعضها من تزاحم الإعلانات تجاوز عدد صفحاتها الستين والسبعين كل يوم.
ولكن وللأسف الشديد ذلك العمر الذهبي الذي حققت فيه المؤسسات الصحفية أرباحاً كبيرة؛ لم يفد منه القائمون عليها؛ في صناعة استثمارات متنوعة، كـ(الكليات والأكاديميات الإعلامية، والكيانات التجارية المساندة والأوقاف وغيرها)، والتي كان يمكن لها أن تضمن مواصلة قطار الصحف المطبوعة لرحلته رغم التحديات المعاصرة.
* وهنا إذا كانت إفرازات الماضي ومعطيات الحاضر قد حكمت بـ(موت وفناء ورقيات مؤسساتنا الصحفية)، فإن منصاتها وحساباتها في مواقع التواصل ما زالت تسكنها الروح؛ رغم أنها في الرمق الأخير؛ فهي تحتضر، ولكن ما زال بالإمكان إدراكها وإنعاشها ومساعدتها لتكون حاضرة بقوة في الساحات والمساحات الإعلامية.
* فإذا كانت مواقع التواصل الحديثة والصحف الإلكترونية قد استولت على (الخبر) وسرعة بثه؛ فإنها يمكن لـ(تلك المؤسسات) من خلال منصاتها وحساباتها أن ترفع رايات الانتصار في ميادين ما بعد الخبر، وكذا الرأي والتقارير والقصص والتحقيقات الاستقصائية إذا لامست حياة الناس وهمومهم، على أن تتسلح بالشفافية والحرية المنضبطة؛ ومما يأخذ بيدها، ويساهم في انتصارها أنها تحمل صفة الرسمية، ولأنها بالتأكيد تفوز عن غيرها بالمهنية والموثوقية.
* هذا، ولكي ينتظم نبض مؤسساتنا الإعلامية الصحفية، وتسري دماء الحياة في عروقها، وصولاً لحضورها المنتظر والمؤثر بين مختلف أطياف المجتمع؛ لابد من أمرين: أولهما أن تبادر هي بتجديد أدواتها، وأن تطور من مهارات كوادرها، أما الأمر الثاني فهو دعمها مادياً ولوجستياً، وسلامتكم.
عبدالله الجميلي – جريدة المدينة