آراء

أجمل من الغناء وأهم من كرة القدم

قد تكون مفاجأة لكثيرين هنا معرفة أن الذين ذهبوا هناك إلى استاد ويمبلى فى لندن للفرجة على كرة القدم أو حضور حفلات غنائية.. أقل عددا من الذين ذهبوا، منذ أيام قليلة، لنفس الاستاد الشهير للفرجة على لقاء ملاكمة لتحديد بطل العالم.. فقد استضاف استاد ويمبلى منذ قرابة ثمانين عاما مباريات كثيرة شهيرة ومهمة وفاصلة، منها نهائيات محلية وأوروبية ودولية ليحمل لقب كاتدرائية كرة القدم.. واستضاف حفلات لكبار نجوم العالم بداية من البيتلز ومادونا ومايكل جاكسون إلى أديل وبيونسيه وتايلور سويفت.. ولم يتخط عدد الذين حضروا تلك المباريات أو الحفلات رقم الـ ٩٦ ألفا الذين جاءوا منذ أسبوع لمشاهدة لقاء دانييل دوبوا وأنتونى جوشوا الذى انتهى بفوز دانييل بالضربة القاضية ليتم تتويجه كبطل عالم جديد للملاكمة..

ولا أظن أن المفاجأة تقتصر علينا فقط إنما فوجئ أيضا من لم يتوقعوا أو يتخيلوا أن الفرجة على الضرب وتبادل اللكمات العنيفة يراها آخرون أهم من الوقوع فى سحر وغرام كرة القدم أو الاستمتاع بجنون أى لقاء بين موسيقى وغناء.. وليسوا قليلين هؤلاء الآخرون.. ففى بداية العام الحالى كانت هناك دراسة حول الأكثر شعبية من بين ٨٠٠٠ لعبة مختلفة يمارسها سكان الأرض.. ولم تأت كرة القدم على رأس هذه القائمة، إنما الملاكمة التى يتابعها أكثر من ٤ مليارات إنسان رغم أى هجوم وانتقادات.. وإنها تعد لعبة للرجال فقط بعد إقبال نساء كثيرات على ممارستها لدرجة أن أكثر من نصف فتيات أمريكا اليوم يخترن الملاكمة كلعبة أولى.. ولم يقدم أى أحد حتى الآن تفسيرا كاملا وواضحا لانتشار وسر شعبية الملاكمة.. هل هى غريزة إنسانية، حيث كانت الفرجة الأولى للإنسان هى إما رجلان يتقاتلان على طعام أو مكان أو صراع بقاء بين رجل وحيوان.. ودامت هذه الغريزة فى الساحات الرومانية حيث يجلس متفرجون فى مدرجات دائرية يستمتعون بالفرجة على مصارعة الدم والألم.. ورغم أن ساحات الألعاب الحالية استمدت شكلها من ساحات الرومان إلا أن الملاكمة وحدها هى التى احتفظت بعنف وخشونة وقسوة الماضى البعيد.. حتى ألعاب المنازعات كالمصارعة والجودو وغيرها تخلو من أى عنف وإيذاء جسدى حقيقى.. وبالتأكيد هناك دور للملاكمين الكبار مثل محمد على كلاى وآخرين غيره.. وربما صنعت السينما شعبية الملاكمة كأكثر لعبة تم تجسيدها على شاشات السينما.. وكانت الملاكمة موضوعا لأول فيلمين فى قائمة أفضل الأفلام الرياضية فى التاريخ.. الثور الهائج لروبرت دى نيرو وروكى لسلفستر ستالونى.. ونجحت حواديت السينما فى إقناع العالم بنبل الملاكمة وما فيها من شجاعة وقوة وكبرياء، حيث يحارب الإنسان بقبضته الخوف والفقر والظلم.

ياسر ايوب – المصري اليوم

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى