نشوة «الهزيمة»
أخرج من الأعماق كل ضغينة، واستل سيف الحقد من غمد الضمير، وانتصر للشر، واضرب بكل قواك ما تبقى من دقات قلبك المريض.
انثر على الكون الكراهية، ولوّن الفجر والزهر بالحزن والألوان القاتمة، وادفن بقاياك التي تحنّ إلى الإنسان.
صافح الشوك في كل يد تدميها، وأنكر وخزها في وريدك، واقتل بصلفك ذاك الحنين الذي يزورك كل ليلة حين تختلي بنفسك.
اكسر بلا تروٍ أرواحاً بريئة، واطمس ملامحك بألف قناع، وخض معارك خاسرة، وانتقِ الكلمات القاسية، واصطنع بطولة زائفة تحت وهم الانتصار.
أغمض عينيك عن حزن العيون والحيرة وقلة الحيلة وانعدام الخبرة، وأفسد الفرحة، وانتقِ الكلمات القاسية، وامزح وامرح على أشلاء كل روح موجوعة.
للأسف هذه بعض الصفات التي يتسم بها بعضنا، وينشئ عليها أبناءه، فيقتل براءتهم، ويعلمهم أن سعادتهم تأتي من تعاسة الآخرين، ونجاحهم يُبنى على أشلاء من حولهم.
أسوأ ما يمكن أن نزرعه في أبنائنا هو «التنمر» على من حولهم، وعدم مراعاة مشاعرهم، والسخرية من ملبس هذا أو لغة ذاك، حتى وإن كان تحت غطاء المرح والتسلية.
«التنمر» حقد دفين يكشف عن نفس غير سوية، وأخلاق غير حميدة، ويُعرّي صاحبه، ويقلل من قيمته قبل أن ينال من غيره.
الأشخاص الذين اعتادوا «التنمر» على من حولهم دون رادع لم يتلقوا تربية سوية في نشأتهم، وتعرّضوا لقهر يحتاج إلى علاج نفسي، وللأسف يتم تجاهل الأمر وكأنه هين، ويواصل هؤلاء ممارسة تنمرهم طالما كان الطرف الثاني ضعيفاً أو لم يجرؤ على اتخاذ موقف.
«التنمر» يورّث أمراضاً مزمنة، ويدمر السلام النفسي لمن يتعرض له، ويؤثر في مستقبله، ويجب أن تنتبه الأسرة والمدرسة للأطفال بالذات لتقويم سلوكهم. أما أولئك البالغون الناضجون الذين يمارسونه، ويكسرون به خواطر من حولهم بحثاً عن نشوة انتصار، وإرضاء لغرورهم.. أقول لهم: إن الخسارة كبيرة والثمن فادح من إنسانيتكم، والنشوة للأسف ليست نصراً، إنما نشوة «هزيمة» وضعف ونفق مظلم تعيشون فيه.
أمل المنشاوي – صحيفة الامارات اليوم