قلوب ذكية عاطفياً
الذكاء العاطفي هو ركيزة أساسية في تكوين شخصية الطفل وتعزيز قدرته على فهم مشاعره ومشاعر الآخرين، مما يجعله أكثر استعداداً للتعامل مع التحديات الحياتية المختلفة.
إن تربية طفل ذكي عاطفي لا تعني فقط أن يكون ناجحاً في دراسته أو حياته المهنية، بل أن يكون قادراً على إدارة مشاعره بفاعلية وبناء علاقات صحية ومتوازنة مع من حوله. في هذا السياق، يلعب الآباء والمعلمون دوراً محورياً في تطوير هذا النوع من الذكاء لدى الأطفال.
الذكاء العاطفي يعني أن الطفل يستطيع فهم مشاعره الخاصة، والتعامل معها بطريقة صحية. عندما يمر الطفل بمشاعر مثل الغضب أو الإحباط، يمكنه التعرف إلى هذه المشاعر وفهمها، بديلاً عن أن يتحول رد فعله إلى سلوك عدواني أو غير مناسب. إنه ينمو ليكون شخصاً أكثر مرونة وتحملاً للضغوط، وهذا يساعده على التأقلم مع مواقف الحياة الصعبة بطريقة ناضجة. في المقابل، يساعده الذكاء العاطفي في قراءة مشاعر الآخرين والتفاعل معهم بتعاطف واحترام، ما يجعل علاقاته مع زملائه وأصدقائه وأفراد أسرته أكثر دفئاً وقوة.
دور الآباء والمعلمين في تعزيز الذكاء العاطفي يبدأ من خلال خلق بيئة مفتوحة وآمنة حيث يمكن للطفل التعبير عن مشاعره بحرية من دون خوف من النقد أو الرفض. من الضروري أن يشعر الطفل بأن هناك من يُصغي إليه ويفهمه، مما يعزز ثقته بنفسه. عندما يواجه الطفل موقفاً صعباً، على الآباء والمعلمين توجيهه، بلطف، نحو كيفية التعبير عن مشاعره بطريقة صحية، ومساعدته على التفكير في الحلول بدل التمركز حول المشاعر السلبية.
تعليم الأطفال كيفية التعاطف مع الآخرين يأتي من خلال القدوة والتوجيه المستمر، عندما يرى الطفل أن والديه أو معلميه يظهرون التعاطف والتفهم تجاه مشاعر الآخرين، يتعلم أن هذا هو السلوك الصحيح للتفاعل مع الناس. من المهم تشجيع الأطفال على التفكير في مشاعر الآخرين، وأن يتعلموا كيفية حل النزاعات بطريقة تعاونية بديلاً عن العدوانية.
من خلال هذا النهج التربوي المتكامل، ينمو الأطفال ليصبحوا أفراداً يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ، قادرين على بناء علاقات قوية ومستدامة، وإدارة مشاعرهم بنجاح، مما يمهد لهم الطريق لتحقيق النجاح والسعادة في حياتهم الشخصية والاجتماعية.
شيماء المرزوقي – صحيفة الخليج