آراء

من وسط تلك الدائرة

دوران عجلة الاستمرارية سمة هذه الحياة وسُنتها؛ لذا من الطبيعي أن نشعر وكأننا نعيش ذات اللحظات بكل تفاصيلها أكثر من مرة، وما يمكن أن يُدرك للتغيير شكلا جديدا هو ردة الفعل وتلك اللحظات التي تحل علينا وتتطلب منا توجها جديدا يُعبر عن النضج، الذي نتمتع به ويُظهر كل فرد منا بصورة مختلفة، سنقف على رأسها قليلا؛ لندرك التالي: هناك الكثير من الأحداث التي تدور من حولنا، وتشغل حيزا لا يُستهان به من حياتنا، حتى أننا نشعر وكأنها تُفرض علينا مُشبعة بذات التفاصيل في كل مرة، وهو ما لا يعني أننا نفتقد  (الجديد)، الذي يتوجب علينا تسليط الضوء عليه؛ لتقديمه، ولكنه ما يعني أننا نترقب كيفية معالجتنا لكل ما يُوضع على الطاولة، ويتطلب فرزا دقيقا يلحق به ما سيلحق من مهام ستُختم بالمعالجة التي تُرضي كل مجتهد وإلى حد ما.

إن العيش ضمن ذات النسيج، يعني أننا نتجاذب أطراف الحديث عن الأمور التي تشغلنا جميعا وبنفس التوقيت، خاصة تلك التي تستفزنا فنصبح ونُمسي ونحن نتحدث عنها دون توقف، وكيف لنا أن نفعل غير ذلك وهي شغلنا الشاغل؟

إن كل ما أتحدث عنه في كل مقال يعود بنسبه إلى موضوع سبق وأن تطرقت إليه من قبل؛ لذا أجد قلمي يميل كل الميل نحو الاتجاه ذاته ولو بعد حين، وعليه فإن ما سيدركه مُتابع هذه الزاوية، أن آخر لقاء جمعني بكم قد شهد تسليط الضوء على الفيلم الوثائقي «لهيب الثلاجات»، الذي يدور حول المعاناة الحقيقية والممتدة في (غزة العزة)، والحق أن الواجب يفرض علينا تذكر تلك القضية، والدعاء لأهل غزة دون توقف، والاجتهاد ببث محاولات مختلفة تنصب في نهاية المطاف وسط قالب تقديم العون والمساعدة، وهو ما يدركه البعض، وما يسعى البعض الآخر إلى ابتكار ما يمكنه تحقيق ذلك، مما يؤكد على أن (غزة) في القلوب؛ لنتحدث عنها وعن المعاناة التي تسلخ جلد الإنسانية وتتطلب منا غرسها في الذاكرة؛ كي نستعيدها متى غرقنا وسط الزحام الذي يفرضه كل ما يندرج تحت (Something came up) أي أن هناك ما طرأ على صفحة الحياة غير أنه ما لا ولن يشغلنا عن المساهمة بنُصرة أهلنا في (غزة العزة).

ثم ماذا؟

كنت قد تناولت موضوع (التقدير) ذات مرة وضمن مقال سابق، بعد أن لامست معنى انعدامه، وأثر غيابه علينا من خلال ما بثته صديقة لي تربطني بها (أخوة مهنية) تجعلنا نعيش ضمن ذات المساحة، ونعيش تحت ضغط ذات المعاناة، التي وإن اختلفت فإن اختلافها هو ما يمكن قياسه على ما سيكون منا من ردة فعل، وما سنُبادر به من معالجة لكل ما يحدث لنا؛ لذا ما سيكون مني قد لا يكون منها والعكس وارد وصحيح. إن غياب التقدير لا يكون ضمن نطاق العمل فقط، فنحن بأمس الحاجة إليه حتى وسط دائرة علاقاتنا الاجتماعية، وكل ما يمتد فيها من طرف لآخر، والحق أن أي نقص في هذا المُكون يُسبب خللا لربما لن يتمكن منا منذ البداية المطلقة، ولكنه حتما ما سيهز العلاقة التي تربطنا بغيرنا وفي مراحل لاحقة سنشعر بها وبسببها بكثير من التهديد، كان من الممكن تجنبه متى كانت المعالجة السليمة في مراحل سابقة ستنقشع حتى وإن وصلت بنا حيث لا نريد؛ لأننا وبكل بساطة نُدرك بأن كل ما يحدث من حولنا يحدث لسبب كتبه الله لنا؛ ليختبرنا به ونصبح أقوى وأكثر نضجا.

عادة نُطلق سهام ما لدينا من كلمات تسهم بالتخفيف من وطأة ما يحدث لمن يعاني، ولكننا لا نطلق ذات السهام ونوجهها نحو من يتسبب بتلك المعاناة، ولكم يسرني كسر رأس هذه العادة، بتوجيه سهامي هذه المرة نحو هذا الأخير بذكر التالي: لا تستخدم صلاحياتك؛ لتصفية الآخر، فمن ستفرح بحزنه اليوم، سيُحزنك يوم غد، وكما تُدين تُدان.

أما أنت يا عزيزي ويا من أرهقته ظروف الحياة، فلك مني ما سأختم به مقالي: كن بخير، وستجد كل الخير الذي تحلم به بإذن الله تعالى.

صالحة أحمد – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى