جامعة الانتكاسة العربية
من المضحك العجيب أن تعرب الجامعة العربية عن تخوفها وقلقها البالغ من حرمان أكثر من 630 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة من الدراسة هذا العام الذي بدأ منذ أسابيع قليلة بينما لم نجدها تأسف لمقتل عشرات الآلاف منهم منذ السابع من أكتوبر الماضي من العام المنصرم وكأن الأمر يحتمل هذا القلق وذاك التخوف الذي لا يقدم فروقا كبيرة وكثيرة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على كل شبر من القطاع باعتبار أنه لم تعد هناك أي منطقة آمنة فيه رغم ادعاءات العدو الإسرائيلي بوجودها وانتشارها فماذا تريد هذه الجامعة بإعلان هذا القلق الذي يمكن أن يوصف بأن شر البلية ما يُضحك فعلا؟! هل بات دور الجامعة العربية التي من المفترض أن تُعنى بقضايانا ويكون لها موقف صارم وحازم جازم أن تعرب عن تخوفها من أن يُفوت أطفال غزة قطار الدراسة هذا العام وهم الذين لا يستطيعون حتى أن يحموا أنفسهم من أن يُقتلوا أو يصبحوا أيتاما لا عائل لهم أو يعولون أشقاء يصغرونهم سنا؟! ما هو هذا الخوف المصطنع ونحن الذين تضمنا هذه الجامعة المنتكسة بأعلام دول عربية لم تستطع أن تلقي طوق نجاة صغيراً لأهل غزة لانتشال هؤلاء الصغار من الانتقام الأسود والأعمى الإسرائيلي الذي يفتت أشلاءهم في غارة وحشية نازية ودامية؟! هل تعتقد الجامعة أن الوضع يسمح لشعب غزة ليفكروا بمستقبل أولادهم الدراسي وهم الذين يكابدون تحت نيران هذا العدوان ليبقوا مع أطفالهم أحياء أولا قبل أن يحفروا في الأرض ليشبعوا بطونهم الجائعة ويعالجوا أجسادهم المريضة الواهنة؟!
ما هذا القلق التافه الذي يدفع بجامعة تضم أكثر من 20 دولة عربية أن تعرب عنه في ظل هذا النزيف الممتد من غزة حتى لبنان؟! فأي دراسة تلك التي هُدمت فيها المدارس على رؤوس لاجئيها ونازحيها وتبعثرت أجسادهم وأشلاؤهم بين الصفوف وبقايا المقاعد والكتب لتتباحث الجامعة العربية فيما بينها وبين ممثليها العرب آلية القلق التي خرجت على شكل بيان رسمي معلن؟! ألا تستحي هذه الجامعة من هذا الإعلان الذي يفضح هزلية المشهد العربي من الأحداث الدامية في كل من غزة ولبنان وعجزه حتى على تصدرها لها بموقف مشرف حتى في صيغة الاستنكار والتنديد التي سقطت من حساباتها تماما وكأن الأمر في استهداف آلاف الأطفال الفلسطينيين وإنهاء حياتهم بهذه الصورة التي تمثل مجازر وفواجع لم يعنها في شيء؟! ففي الوقت الذي كنا ننتظر قمة عربية عاجلة والتي عادة ما تتحول إلى غمة كما اعتدنا من الجامعة في كل أزمة متفجرة في بعض دولنا المنكوبة والمنضمة ضمن سلسلة قضايانا المعلقة والتي تتفاقم مآسيها يوما بعد يوم وعاما بعد عام تأتي جامعة الانتكاسة العربية لتعلن أن أكثر من 600 ألف طفل فلسطيني من غزة قد يفوتهم العام الدراسي ومواكبة أقرانهم العرب الملتحقين بالصفوف الدراسية في باقي الدول العربية فماذا تريدون أكثر من هذه النكسة العربية التي تتمثل في جامعة بات إقصاؤها من مسماها ووظيفتها واسمها ضرورة للتخفيف من أثقالنا العربية التي تنوء بها ظهورنا المنحنية بانكسار وضعف وذل وهزيمة ما بعدها هزيمة؟!.
شكرا فأطفال غزة يعانون الخيبة والجهل والحرمان لانفجار جميع مدارسهم ويعانون جوعا وضمورا لفقدانهم أقل مقومات الحياة من الماء والغذاء ويكسرهم الوهن والمرض لحرمانهم من الدواء ويفقدون الأب والأم والعائلة والحياة بأكملها لأن إسرائيل ليست وحدها من تفعل كل هذا لهم بل إن العرب مشاركون بلا شك في مأساتهم وآلامهم وحزنهم وكمدهم وقهرهم والتوقيع بقتلهم بقلم حبر غير قابل للمسح بأي طريقة غير قابلة للتساقط بالتقادم أبدا فالتاريخ لن يمحو ضعفنا أبدا، كما أن يوم الحساب لن يُستثنى منه من ظن أن السكوت على مجازر غزة هو نكران في القلب وهو قادر على الإنكار علنا ورب الكعبة!.
ابتسام آل سعد – الشرق القطرية