آراء

التفاهة عنوان برامجهم

أي برنامج تتابعون وتنتظرون بلهفة موعد عرضه على الشاشة؟ أي برنامج تشعرون بأنه يزيدكم معرفة، ويشكّل إضافة حقيقية لكم، وتكتسبون منه معلومات وتستمتعون بمتابعته أياً كانت مدته وأياً كان الموضوع الذي يناقشه، لأنه يجيد في كل مرة اختيار مواضيعه وضيوفه وأسئلته..؟. للأسف، لا يوجد على الشاشات العربية اليوم (إلا فيما ندر) برنامج يحمل كل تلك المواصفات، فمعظم ما نشاهده يصب في إحدى الخانتين، توك شو سياسي، وتوك شو فني أو حوارات مع مشاهير ونجوم، بالإضافة طبعاً إلى برامج الطبخ والنميمة التي تتغذى على إشعال الحرب بين المرأة والرجل فتستفزها تارة وتستفزه تارة أخرى، والأنكى أن وسط غابة البرامج تلك، تجد أسوأها يقدمه من يقال عنهم «نجوم الإعلام» في هذه المرحلة، يستضيفون فريق عمل مسلسلات ناجحة، فيهبطون بالمستوى إلى حدود التفاهة والسخافة!.كثر ترقبوا مشاهدة لقاء فريق عمل مسلسل «عمر أفندي» الذي أحببناه جميعاً وعشنا معه ليالي من المتعة وذبنا في عشق عام 1943، في برنامج تتباهى إحدى المذيعات بتقديمه وكأنها تصنع المعجزات، فإذا بالبرنامج ومذيعته وفريق الإعداد يدمرون كل قيمة للمسلسل ومضمونه، ويحوّلون اللقاء إلى جلسة هرج ومرج وألعاب واستخفاف..

طبيعي أن يحب الجمهور رؤية نجومهم يتصرفون على سجيتهم ويلعبون ويضحكون كاشفين عن جزء من شخصياتهم بعيداً عن التمثيل، وطبيعي أن تثير مثل هذه المشاهد فضول الجمهور فيتابعها ويقتطع منها أجزاء ليتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن أين «عمر أفندي» ومضمونه من كل هذا؟ انتظرنا أن تستضيف كاتب المسلسل ومخرجه وأبطاله للتحدث عن المضمون وعن الهدف من وراء هذه القصة والعودة بنا إلى عام 1943، وعن الحوار والذكاء في إبراز الفوارق بين ذلك الزمن والحاضر، والتحدث عن الكواليس ومدى تأثير كل شخصية بمن يؤديها، ومن يتمنى لو أنه عاش في الماضي ومن يجد في الحاضر جمالاً أكبر وتطوراً يسهّل على الناس حياتهم؟.لماذا يتم تفريغ العمل الجيد من قيمته وكأنهم يحرصون على جعل التفاهة عنوان البرامج وشعار مقدميها؟ لماذا يتصدر هؤلاء «النجوم» المشهد الإعلامي ويقودون الناس إلى التمسك بالسطحية، وكأنها الحدود الوحيدة التي يجيدون التمسك بها والتحرك في إطارها؟. الكتابة لعبت دوراً مهماً في نجاح «عمر أفندي»، وتلعب دوراً أساسياً في كل مسلسل أو فيلم نحبه ونصفق له، والإبداع وكسر طوق التكرار والروتين على الشاشة يتطلب إبداعاً وارتقاءً بالبرامج، والعودة بها إلى أيام زمان، يوم كانت البرامج التلفزيونية راقية، منصة للتحاور بذكاء وعمق ولباقة مع المشاهير، ولقاءات يستمتع الجمهور بمشاهدتها وتأمّل اللغة الراقية التي كانت سائدة بين المذيع وضيوفه.

مارلين سلوم – صحيفة الخليج

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى