تحقيقات وتقارير

الزواج الجشع .. لماذا يميل الأزواج إلى إلغاء صداقاتهم؟

يُغيّر الزواج كليا خارطة علاقاتنا الاجتماعية. فيرتقي ويدنو بعض الناس إلى مواقع قريبة منا، في حين ينحدر ويتدنى البعض الآخر لمراتب أدنى. وبالأخص، الأصدقاء الذين قد يسقطون نهائيا من دائرة معارفنا. أسباب ذلك قد تشترك أو تختلف من حالة لأخرى. لكن الأكيد، أنه غالبا ما يميل الأزواج إلى إلغاء صداقاتهم. وهذا ما يُعرف بالزواج الجشع.

زواج جشع

تغيرات جذرية يُحدثها الزواج على صعيد علاقاتنا الاجتماعية. فنُغادر أشخاصا كانوا الأقرب إلى قلوبنا. ونُقرّب آخرين قد لا يقربوننا. فقد أظهرت دراسات المسح الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية أن العزاب يمضون وقتا أطول مع أصدقائهم وأقاربهم، مقارنة بالمتزوجين. لكن، قد يُبالغ ويُغالي البعض في ابتعاده ونأيه عن دائرة الأهل والأصدقاء خصوصا. وهنا، نكون في مواجهة حالة تسمى بالزواج الجشع، الذي يعمد خلاله الزوجان أو أحدهما إلى الانسلاخ بصفة شبه كلية عن دائرة الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية عموما، والانكفاء على العلاقة الزوجية والاكتفاء بها. ولذلك أسباب عديدة، تختلف من حالة لأخرى، ولكنها في الأغلب تتمحور في تغير ترتيب أولويات الزوجين، وزيادة حجم المسؤوليات التي قد تتنافى في طبيعتها مع مسؤوليات واهتمامات أصدقاء العزوبية، إضافة إلى التركيز على بناء العلاقة الزوجية وتأسيس الأسرة، خاصة مع مجيء الأطفال الذين قد يأخذون حيزا معتبرا من وقت وجهد الزوجين، لما يحتاجونه من رعاية ومتطلبات، ما يُقلل من تفاعلهما الاجتماعي.

اعتزل ما يُؤذيك

وفي الحقيقة، قد يميل بعض الأزواج إلى الدخول في حالة من الزواج الجشع، بالانسحاب من دائرة الأصدقاء ومعظم العلاقات الاجتماعية، بالنظر لكونها صارت تُشكّل مصدر تهديد لاستقرار العلاقة الزوجية، خاصة إذا كان الصديق مؤذيا أو غير أهل للثقة، أو لأن أحد الشريكين يرفض تلك الصداقة. ولكن، لا يمكن إنكار أن بعض العلاقات الاجتماعية والصداقات قد تكون فعلا مؤذية للزوجين أو أحدهما، خاصة في ظل الافتقار للذكاء الاجتماعي اللازم للتعامل والتفاعل مع تلك العلاقات.

كيف تُحدث الموازنة؟

إن الانغلاق على العلاقة الزوجية والانقطاع عن دائرة الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية هو في الحقيقة أمر غير صحي، على صعيد الصحة النفسية للزوجين وجودة العلاقة. فالصداقات يمكن أن تمنحك دعما عاطفيا ومتنفسا مريحا. كما قد تتيح لك رؤية الأمور من زوايا مختلفة. لهذا، لابد من بذل الجهد الكافي لإحداث التوازن ما بين رابطتنا الزوجية وعلاقات الصداقة وباقي التفاعلات الاجتماعية. وهذا عبر:

-كن مرنا مع مظاهر التغيير التي يفرضها الزواج على ديناميكيات صداقاتك. والأهم، أن يتفهم أصدقاؤك ذلك. وتحاولوا معا التأقلم مع تغير طبيعة الفترة الجديدة، من حيث الوقت والجهد الذي تبذلونه لدوام الروابط.

-استعن بالتكنولوجيا الحديثة لضمان عدم انقطاع صداقاتك بعد الزواج. وهذا، عبر الحرص على إجراء مكالمات رقمية مع الأصحاب ومشاركة لحظاتكم الجميلة.

-دعم الشريك الزوجي ضروري. شجعه على بذل الجهد لدوام صداقاته الجيدة، لأنها تُسهم في تحسين مزاجه وتجديد نفسيته، ما ينعكس بالإيجاب على علاقتكما الزوجية. بمعنى، أنه لا ضير من أن يعتني الزوج بأطفاله أحيانا لأجل أن تقضي الزوجة سويعات مع صديقاتها. ولا ضرر، من أن تسمح الزوجة بتأخر زوجها أحيانا ليمضي بعض الوقت مع أصحابه.

-حاولا كذلك دمج أصدقائكما في نشاطاتكما ومناسباتكما العائلية. فتضربا بذلك عصفورين بحجر واحد: التواجد مع الأسرة الصغيرة ومع الأصحاب في ذات الوقت.

-الصداقات والعلاقات الاجتماعية ليست مثالية تماما. وجلّ من لا يُخطئ. لهذا، لابد من بعض المرونة حتى لا تنقطع تلك الروابط.

ليلى حفيظ – الشروق الجزائرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى