آراء

أمريكا أولًا أمْ أمريكا العولمة؟ الولايـات المتحــدة أمام مفتر ق الطر ق

شهد العالم فجر الأربعاء الماضى يومًا من أهم أيام السياسة فى العالم؛ ليس لأن المناظرات فى الانتخابات الأمريكية بين المرشحين تشغل دائمًا حيزًا واهتمامًا كبيرًا وهذا أمر طبيعى؛ ولكن أيضًا وهذا ما يهمنا هو تأثير ما يحدث على الوضع الذي بات العالم عليه اليوم، فالانتخابات الأمريكية المقبلة ستؤثر فى كل الملفات المشتعلة فى العالم، لا سيما الملفات التي تهدد السلم والأمن الدوليين.

هناك ملفات يمكن أن نعتبرها اليوم من مفاصل السياسة الدولية، وهى الأزمة «الروسية – الأوكرانية»، ملف الشرق الأوسط ومنه القضية الفلسطينية والوضع المتفجر فى غزة وامتداد دائرة الصراع لأقطار كثيرة فى المنطقة، ومرجح بقوة أن تشتعل، الملف النووى الإيرانى أو صيغة التعامل مع إيران، وبعد ذلك المواجهة الاقتصادية والتجارية مع الصين، هذه هى الملفات الحاكمة للصراع الدولى الآن.

وما يزيد من أهمية الانتخابات الأمريكية الحالية أنها فارقة فى شخصية الولايات المتحدة على المستوى الخارجى، وفى الفترة التي مضت كانت شخصية الولايات المتحدة تضررت كثيرًا فى مسألة قدرتها على حماية التجارة الدولية، والممرات الملاحية العالمية؛ بسبب ما يجرى فى باب المندب، غير عدم قدرتها على إنهاء كل هذه الأزمات المُشار إليها.

أما فى الداخل وهو أصل المعركة، فنجد سؤالًا يطرح نفسه وهو؛ أية أمريكا هى التي ستنتصر؟ هل أمريكا الرأسمالية التي يمثلها دونالد ترامب وما يشكله من تيار قومى ومحافظ وما إلى ذلك؟ أم ستنتصر أمريكا النُخب السياسية وأفكارهم وبرامجهم؟

وبالذهاب إلى المناظرة، نجد أن ترامب فى وقت مواجهة بايدن كان يصب تركيزه على ملفين بدرجة كبيرة وتفوق فيهما على بايدن جدًا، حيث حقق فى هذين الملفين نجاحات فى خطابه، وهما ملفا الاقتصاد والهجرة، وبالتالى حقق نصرًا فى معركته مع بايدن. أما بعد دخول كامالا هاريس، ورغم الشو الذي شهده المؤتمر العام للحزب الديمقراطى، فإنها انتزعت تأييد الحزب.

انعكس هذا أيضًا على ردود فعل ترامب من ناحية ما تعكسه استطلاعات الرأى فى معظم الولايات المتأرجحة التي من ضمنها بالمناسبة بنسلفانيا التي استضافت المناظرة. ورجوعًا إلى ما قبل المناظرة بأسبوع أو عشرة أيام إذا تأملنا كيفية عمل كل مرشح، فترامب ركز بقوة على استنفار الكتلة المحافظة فى المجتمع الأمريكى وهى الكتلة التي تقف ضد المهاجرين وضد المثلية وانتشار الماريجوانا والمسائل المتعلقة بالأخلاقيات، وهذه كتلة بطبيعتها متدينة. وعلى النقيض منها، كتلة أو مجتمع المال والأعمال الذي يعمل معهم ترامب على الموديل الأمريكى، إلا أن تركيزه الأكبر كان استنفار الكتلة المحافظة.

فى المقابل، نجد حملة كامالا هاريس أو ما يمكن تسميتها بالدولة العميقة، عملت بتكتيك ملفت فى الأيام العشرة الأخيرة، وانتزعت شهادات من الفريق المؤسسى المحيط بترامب وقت رئاسته لأمريكا؛ حيث كان لديه فريقان، الأول مؤسسى هم أبناء المؤسسات الأمريكية، الذين سبق لهم العمل فى الخارجية الأمريكية أو البنتاجون، وفريقه الآخر المعاون له، وهو ما كان يعتمد عليه بشكل أكبر، لذا عملت حملة كامالا هاريس على استقطاب مستشارين سابقين للأمن قومى وعسكريين عملوا مع ترامب يعلنون رفضهم ترشحه مرة أخرى، وحتى نائبه السابق، مايك بنس، الذي له تأثير على المحافظين تحدث بتحفظ، وصرح أنه لن يدعمه لولاية رئاسية ثانية، ولكنه لم يشر إلى أى مساوئ فى شخص ترامب، وهذا تكتيك مؤسسى أكثر منه تكتيك حملة.

ما يهمنا فى كل هذا هو انعكاس نتائج الانتخابات على هذه الملفات؛ بمعنى إذا فاز دونالد ترامب ماذا سيحدث فى الصراع «الروسى – الأوكرانى»، وملف الشرق الأوسط وما يحدث فى غزة، وفى ملف إيران فى مسألة الملاحة الدولية وفى أسلوب مواجهة الصين الاقتصادية، وكيفية التعامل مع كل هذا؟

وأخيرًا.. إذا فازت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس فماذا ستفعل أيضًا مع نفس الملفات السالف ذكرها؟ من أجل ذلك فاليوم هو يوم فارق فى قراءة سيناريوهات القادم فى الصراع العالمى.

أحمد الطاهري – بوابة روز اليوسف

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى