آراءأبرز العناوين

سعادتك صناعتك!

تزداد الأصوات الداعية للطموح، وارتقاء سُبل المجد والتمكين، وتتعالى الهتافات بصعود الجبال وعدم الرضا بالعيش بين الحُفر، وتتعاظم المطالبات بالتغيير، وبالسعي نحو التحوّل والتوّسع، وهذا ما قد يُسهم في خلق حالة من الاضطراب إن لم يملك الإنسان فيها زمام أمره، واتزن في طلب المعالي.

فالطموح وقود النجاح، ومُحرّك للسعي والاتساع، وليس في ذلك من بأس، ولكن الإفراط في عيش هذا الشعور مذمة لا تُحمد، لأنها تؤرق الإنسان في طلب المُقبل، وتُزهده في ما بين يديه من النعم التي يرفل بها آنياً، بوضعه الحاضر، وتسلب منه الرضا والقناعة، وربما أجبرته على دخول سباقٍ مع الآخرين، فيلازمه الشعور الدائم بالفوات، والحاجة للفوز بمباريات غير متكافئة، وتتعزز لديه أنا الرغبات الطامعة في المزيد دون تقدير للموجود !

ويعيش لحظات عمره بالحسرة على ما يظن أنه قد فوّته،

وبالمطاردة لما يظن أنه سيُكمّله ويُتمّ نقصه!

وليس ذلك في المطامح فحسب، وإنما يمتد الشعور في التعامل مع من حوله، فيصبح على حال انتظار أن يتغير الآخر معه، أو يترّقب تبدلاً في حاله ومسلكه حتى يتم أنسه وسروره، فلا يلبث الوقت أن يتداركه ليعلم علم اليقين أن كل محاولاته ليست سوى أوهام لا تُغني من جوع، وما هي سوى اشتراطات حجبت عنه التمتع بحياته ولحظاته الآنية!

فما أجدر بالمرء أن يعلم أن قبوله بوضعه الحاضر، والرضا بما بين يديه، والانتباه للموجود، وقبوله بالأشخاص في حياته كما هم هو الأكثر حكمة من التفلتّ في طلب الغائب، أو طول الأمل في تغيير الآخرين والذي ليس له فيه من الأمر شيء!

 لحظة إدراك:

من أحكم الحكم أن يُدرك الإنسان أن مفتاح سعادته في يديه، هو من يصنعها باتزانه بين قبول وضعه، وإدراكه أنه ليس هناك ما فات عنه، وبين السعي المحمود والطموح للتغيير وفق المتاح والممكن، وبتدرج ينبع من السعي للأفضل والأجمل، دون تهوّر يفصله عن واقعه، أو يجعله يركض واهماً خلف سعادة مأمولة كسرابٍ لا وجود له.

خولة البوعينين – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى