في عام 1926 طلب زوج كاتبة القصص البوليسية آغاثا كريستي، الطيار أرشيبالد كريستي الطلاق منها لأنه يحبّ امرأة أخرى. حدث ثقيل الوطأة على نفسها، خاصة أنه جاء في ذات العام الذي توفيت فيه والدتها. في ظروف الخلاف الحاد مع الزوج اختفت كريستي بشكل مفاجئ لفترة امتدت 11 يوماً، لم يكن أحد يعلم أين ذهبت، ونشأ تخمين بانها انتحرت أو توفيت بشكل غامض، وحامت الشكوك حول دور الزوج في ذلك. حتى أن الصحف عرضت مكافآت لمن يفيد بأي معلومات حول مصيرها.أفضى البحث إلى العثور عليها في أحد الفنادق، وزعمت، حينها، أنها كانت تعاني من فقدان الذاكرة، لكن لفت الأنظار أنها حجزت غرفة الفندق باسم آخر، هو «نانسي نيل»، المرأة التي أراد زوجها الارتباط بها، وانتهت تلك المعاناة التي ظلت محاطة بالغموض بطلاق كريستي من زوجها أرشيبالد كريستي في عام 1928.في أعقاب اختفائها وطلاقها، واصلت أغاثا كريستي الكتابة، وبيع من كل كتاب عدد نسخ أكبر من سابقه.
وبحلول الخمسينات من القرن العشرين، كانت كريستي تكسب حوالي 100 ألف جنيه إسترليني سنوياً أي حوالي 2.5 مليون جنيه إسترليني بأسعار اليوم.يوم أمس، 15 سبتمبر/ أيلول، مرّ 134 عاماً على مولد آغاثا في عام 1890 التي ستغدو من أشهر الكتّاب في العالم، وعرفت بشغفها بدراسة الآثار، ما حملها على السفر عام 1928 إلى بغداد على متن قطار الشرق السريع. وفي الصحراء، ساعدت في أعمال التنقيب الأثري من خلال رسم وفهرسة القطع الأثرية. هناك التقت بعالم آثار يدعى ماكس مالوان، وكان أصغر منها بأربعة عشر عاماً، وتزوجته في لندن عام 1930.كان جبرا إبراهيم جبرا يتلمس خطوات رجليه الأولى في بغداد الجديد عليها، والجديدة عليه، حين قصد «مكتبة مكنزي» في شارع الرشيد، وهو يتصفح كتاباً بين يديه، وقعت عيناه على رجل يمدّ يده نحو كتاب آخر، وهتف من توه: روبرت. كان الاثنان قد تعارفا في القدس حيث عمل روبرت هاملتون مديراّ لمتحف روكفلر بالمدينة، وجمع بينهما الولع بالآثار الفلسطينية والتاريخ القديم، ولحظتها دعا الرجل جبرا إلى حفل عشاء منظم سلفاً في بيت ماكس مالوان أبرز العاملين في بعثة الآثار البريطانية في العراق.في الموعد المحدد وصل جبرا للبيت، استقبله مالوان بحرارة، وأخذه من يده ليعرفه إلى سيدة الدار، مسز مالوان، التي رحبت به وسألته وهي تأخذه إلى مقعده: ما الذي جاء بك إلى بغداد، فردّ بإيجاز: «حب قديم ومأساتنا في فلسطين».
احتاج جبرا بعض الوقت ليعرف أن مسز مالوان هي نفسها كريستي، وأن مالوان هو زوجها!
حسن مدن – صحيفة الخليج
