موسيقار الأجيال من يكون؟
العنوان أعلاه ليس تصديقًا بأن الموسيقار العبقرى بليغ حمدى هو موسيقار الأجيال الحقيقى – والذي أحيا عشاقه يوم 12 سبتمبر ذكرى رحيله الـ 31 – باعتبار أن العنوان مستوحى من أغنية شهيرة للعندليب الخالد عبد الحليم حافظ تلحين «بليغ» أو اعتراف ضمنى بأن حليم يرى ذلك أو كما يجزم عشاق فن بليغ ودراويشه ومريدوه ولكنه «توارد عناوين» أو كما يقال «القافية حكمت».
ومبدئيًا أقر وأعترف – رغم عشقى لإبداعات بليغ -بأن موسيقار الأجيال هو الأسطورة محمد عبدالوهاب بالتاريخ والجغرافيا والتربية الغنائية متضامنا هنا مع دراويش هذا الكيان الموسيقى العملاق مطربًا وملحنًا ومطورًا للموسيقى المصرية والعربية الشرقية.
موسيقار الأجيال «عاش» مطربًا وموسيقارًا و«مات» موسيقارًا مطربا عندما قدم بصوته رائعة «من غير ليه» التي لحنها للعندليب عبدالحليم وحال القدر بينهما، وقبل أن «أخش فى الموضوع» يجب أن أضرب تعظيم سلام لعشاق المبدعين الكبيرين ونشطاء السوشيال ميديا ومعهم متخصصون الذين من دون سابق إنذار أشعلوا خلافا بعد وفاتهما بأكثر من 30 عاما على من الأحق بلقب «موسيقار الأجيال» سواء الذين انحازوا لعبد الوهاب أو المؤمنون بموهبة بليغ الفذة وهى تأكيد بأن الآذان المصرية لا تعرف طريق الذبول وتميل للأصول والجذور، كما أن المقارنة أراها درسا مجانيا للأجيال الجديدة للتفتيش فى نواحى عظمتهما وتأمل كتالوجهما الموسيقى الأسطورى.
محمد عبد الوهاب هو شيخ مشايخ الطرق الغنائية والمفكر الموسيقى والهرم الأكبر فى مصر مطربا وملحنا ومطورا للغناء الشرقى على المستوى العاطفى والوطني والتصويرى، أما بليغ فهو معجزة مصرية وسيرة حب بألف ليلة وليلة والتلميذ النجيب للموسيقار محمد عبد الوهاب الذي أطلق مشروع إحياء وتجديد الفلكلور المصري وتحديثه وتقديمه للجمهور.
الملحنان الكبيران نقشا على جدران حنجرة العظماء أم كلثوم وعبد الحليم ونجاة ووردة وشادية وآخرين أجمل الألحان وأعمالهما تُدرس وللتدليل على عظمتها وسحرها أن نجوم الجيل يقدمونها فى حفلاتهم الغنائية وتتناقلها الأجيال الراغبة فى كتابة شهادة ميلادها لكن أوجه المقارنة غير مكتملة العناصر والأركان، فلكل منهما مذاقه الخاص ولا يمكن بأى حال من الأحوال مقارنة الأب والابن والأستاذ والتلميذ ولكل منهما التجلى الأعظم فى مدرسته وأعماله وموسيقاه، ولن يكون المنحازون لعبدالوهاب كتلة «حلفاء» ولن يكون عشاق بليغ كتلة «المحور»، كما أن النزاع المفتعل على اللقب، ورغم أنه محسوم مسبقا فإنه يتجاهل أكابر وعباقرة التلحين فى مقدمتهم رياض السنباطى ومحمد الموجى وكمال الطويل إذا وضعنا فى الاعتبار أن ما قبلهم من عظماء أمثال سيد درويش والقصبجى وما بعدهم أمثال سيد مكاوى وحلمى بكر ومحمد سلطان وعمار الشريعى وجميعهم جيلاً بعد جيل من أولياء مصر المبدعين ولكل إلهامه الخاص وبصمته الخالدة.
طارق مرسي – بوابة روز اليوسف