استر على ما واجهت
«استر على ما واجهت» مثل شعبي سمعناه كثيرا، يقال بعد نهاية جلسة ديوانية أو حوار بين اثنين، أو العودة من السفر، أو عند الخطأ أو ما شابه ذلك، والمثل يدعو إلى الخلق والفضيلة وكتمان السر، كما أن به وصية رائعة يعول من خلالها المتحدث على القيم والمروءة وحفظ الذمام عند الآخر، فإن كان ولابد من الكلام فاذكر أحسن ما قلته لك، واترك ما سواه.
ومن الأفضل للمرء في كل الأحوال ألا يبوح بسره لأحد ويحتفظ به لنفسه حتى لا يضطر إلى أن يقول استر على ما واجهت، ويظل قلقا خائفا من افشاء سره، وقد قيل: سرك أسيرك فإذا بُحت به صرت أسيره.
وللأسف فإن ما نلاحظه هذه الايام أن خصوصيات الناس وأسرارها باتت تعرض على الملأ بالمجان وبلا مقابل خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي المنتشرة في كل مكان، فأصبحت كلمة سر لا مكان لها بالإعراب عند مجموعة من الناس، فأين هؤلاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة».
وفي المقابل تجد من يتحدث عن الناس بما لا يليق ويقول فيهم ما لم يقله مالك في الخمر، ثم يقول لمن يتحدث له: استر على ما واجهت، فأي ستر يريده هذا المأفون ناقص العقل والدين، فلقد كشف ستر نفسه وأبدى صفحته، ولن يستر الله عليه في الدنيا والآخرة، فكما تدين تدان.
ومما يحز بالنفس ويكدر الخاطر حقا أنه وبمجرد وقوع الطلاق بين رجل وامرأة نرى كليهما يتحدث بأسرار الآخر ويكشف ما ستره الله بينهما برباط مقدس وثيق تشفيا وهذا ما لا يجوز شرعا وإنسانيا، فذكر الزوجين بعضهما البعض بالسوء بعد الطلاق من الغيبة المحرمة، وفيه خروج على القيم والتقاليد الراسخة، فأين التسريح بإحسان؟ وأين الحياء وكرامة النفس؟ ومثل هذه الأفعال لم نكن نعرفها او نسمع عنها في السابق إلا نادرا، وهي بدعة غريبة على مجتمعنا، كان الناس إذا رأوا إنسانا على معصية وعظوه فيما بينهم وبينه وستروا ذلك، والعاقل يستر وينصح والفاجر يهتك ويفضح، نسأل الله السلامة، ودمتم سالمين.
مشعل السعيد – الأنباء الكويتية