دموع المشاهير
استوقفني مشهد لإحدى مشاهير الصف الأول وهي تتحدث عن زيارتها لمعرض، وتتحدث عن لطف بعض السيدات المسنات، إذ قلن لها: «أنتِ مثل بنتنا»، ثم تأثرَت وذرفت الدموع وهي تقول: «أحياناً نحتاج لمثل هذا الكلام اللطيف». ولم أتساءل عن السبب الذي جعل وقع عبارة بسيطة كهذه بذلك الحجم، فالسبب واضح.
يتعرض مشاهير لكميات غير منطقية من النقد والتنمر على منصات عديدة، في حين أن الشخص العادي قد يملك بضع قصص لمواقف تعرّض فيها للتنمر، ومازالت تؤثر عليه حتى يومنا هذا. لِم أعطينا أنفسنا الحق لاستباحة المشاهير لمجرد أن التنمر ببعض أنواعه غير المباشرة غير مجرّم قانونياً؟
قد يعزو البعض السبب إلى نشر المشاهير لـ«التفاهات»، وتسلمهم مبالغ نقدية هائلة، يراها البعض غير عادلة، لا يحصل عليها الموظف العادي. وبأنهم يعيشون في رفاهية غير مستحقة، ولا يبذلون جهداً حقيقياً. ولكن هل هذا الزعم دقيق؟
لا يجوز التعميم في هذا المجال، فكما جميع الوظائف، هناك المخلص والمجد، وهناك المتقاعس. وسبق أن قابلت أحد رجال الأعمال ممن تعاونوا مع المشهورة المشار إليها هنا، ودفع لها مبلغاً غير بسيط مقابل إعلان، وعبّر عن سروره ورضاه بذلك التعاون الذي درّ عليه أرباحاً كثيرة. هي تجيد ما تعمل، وتعتبر مؤثرة اسماً وفعلاً، والمبالغ التي تطلبها مبررة اقتصادياً. ففي مقابل الطلب الكبير على خدماتها ذات الجودة، من الطبيعي أن يزيد سعر العرض، وهذه الأسعار لا يطلبها إلا المتميزون، فهناك عدد لا بأس به من المؤثرين الذين يعلنون مقابل منتج فقط، إما لرغبتهم في دعم بعض المشاريع – وهذا من كرمهم – أو لأن نتائج إعلاناتهم أقل فاعلية. ولم نعرف عن بعض المشاهير سوى الاجتهاد بالسفر المتكرر والمنهك، وتمثيل العرب بتعاوناتهم العالمية، وابتكار علامات تجارية محلية تنافس العلامات الكبرى والعريقة. أضف إلى ذلك أنهم يتمتعون بقدرات كبيرة في التعامل مع التنمر الجارح الذي لا يقوى على تحمله كثيرون غيرهم، وبالتالي لا يجرؤون على دخول هذا المجال الذي يصفه البعض بـ«السهل». وربما دخل وخرج منه سريعاً هرباً مما يلاقيه.
شئنا أم أبينا، يتمتع المشاهير بالقدرة على إنعاش مشاريع. والدعم الذي يحصل عليه بعضهم من مؤسسات وشركات كبرى شاهد لهم لا عليهم. لنُقدِّر المهن الحديثة، ولنواكب العصر، ولنتخير كلماتنا التي قد تبلل وسادة أحدنا دون وجه حق.
شيماء أحمد – صحيفة الإمارات اليوم