«إدارة الوقت».. في معادلة جودة الحياة
هناكَ علاقةٌ عظيمةٌ ومثمرةٌ فِي حياةِ الأفرادِ والمؤسَّساتِ، بلْ حتَّى المجتمعاتِ، تتجسَّدُ فِي العلاقةِ الحميمةِ بينَ إدارةِ الوقتِ وتحسينِ مستوَى المعيشةِ والقدرةِ علَى برمجةِ تحديدِ المهامِّ المستعجلةِ قبلَ الأعمالِ البسيطةِ، وإذَا مَا تحقَّقَ ذلكَ نكونُ قدْ جعلنَا للحياةِ قيمةً ومعنًى كبيرَينِ متَى مَا أحسَنَّا فنَّ إدارةِ الوقتِ.
إذًا فإنَّنا جميعًا أمامَ نظامٍ جديدٍ لإدارةِ الوقتِ، يرتكزُ علَى مَا يُسمَّى بالبوصلةِ الداخليَّةِ التِي تجعلكَ تستشعرُ الإحساسَ بالمسؤوليَّةِ فِي استثمارِ الوقتِ؛ لتحقيقِ أهدافٍ عدَّةٍ، دينيَّة ودنيويَّة.
مئاتُ الدراساتِ والبحوثِ التِي صدرتْ فِي هذَا الشَّأنِ، والعديدُ من المؤتمراتِ وحلقاتِ البحثِ، فضلًا عَن الكتبِ والمقالاتِ التِي ركَّزتْ علَى هذَا الشأنِ؛ لأهميَّتهِ القُصوَى فِي حياةِ الأُممِ. وهناكَ العديدُ مِن الأمثالِ الشعبيَّةِ فِي مختلفِ الثقافاتِ التِي تعظِّمُ احترامَ الوقتِ وحسنَ استغلالِهِ، وتسخرُ مِن أولئكَ الذِينَ لا يعرفُونَ قدرَ الوقتِ.فِي هذَا السياقِ.. كانَ الأبُ يتحدَّثُ إلى أصدقائِهِ عَن تجاربِهِ الشخصيَّةِ فِي تزويجِ بناتِهِ السَّبع، وكانَ تركيزهُ الأوَّل فِي المقابلةِ الشخصيَّةِ لاختيارِ الزَّوجِ، مَن يُحسنُ إدارةَ الوقتِ، ويلتزمُ بالمواعيدِ وغيرِهَا؛ باعتبارِهَا المؤشِّرَ الحقيقيَّ لشخصيَّةِ الإنسانِ المنتجِ والمستشعرِ لمسؤوليَّتهِ نحوَ نفسِهِ والآخرِينَ.
وكذلكَ الحالُ عندَ إجراءِ المقابلاتِ الشخصيَّةِ؛ بهدفِ التوظيفِ أو خلافِهِ؛ فإنَّ معيارَ الحفاظِ والالتزامِ بالوقتِ له] نصيبٌ عالٍ مِن الدرجاتِ.
مَا أجملَ أنْ يتعرَّفَ المرءُ على جوانبِ الضعفِ فيهِ ليقويهَا بنفسِهِ، علَى سبيلِ المثالِ: أنْ يتقدَّمَ إلى إحدَى الدوراتِ التدريبيَّةِ التخصصيَّةِ لتعلُّمِ المهاراتِ المُعينةِ علَى فنِّ إدارةِ الوقتِ والاطِّلاعِ علَى الكتبِ التِي أُلِّفتْ فِي هذَا الشأنِ، وتسجيلِ النوتةِ للتخطيطِ الأسبوعيِّ لجدولةِ إدارةِ المواعيدِ، ومِن الطبيعيِّ أنْ يدركَ المرءُ أنَّ التخطيطَ الأسبوعيَّ خيرٌ مِن اليوميِّ، يليهُ بعدَ ذلكَ التخطيطُ الشهريُّ، أو السنويُّ.لقدْ نبَّهَ القرآنُ الكريمُ علَى قيمةِ الوقتِ فِي سياقاتٍ متعدِّدةٍ، مِن خلالِ قَسَمهِ سبحانَهُ وتعالَى بمكوَّناتِ الوقتِ فِي بدايةِ العديدِ مِن السُّورِ، ومِن خلالِ توقيتِ شعائرِ الإسلامِ، ورسالةِ الرسلِ التِي تمَّ ضبطهَا فِي إطارٍ زمنيٍّ دقيقٍ، الأمرُ الذِي يحملُ دلالةً تنبيهيَّةً أسَّستْ للعديدِ مِن القواعدِ الضابطةِ لحركةِ الإنسانِ والكونِ، نستقرئُ جزءًا منهَا فِي قولِهِ تعالَى: «وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ».
ولعلنَا نستحضرُ هنَا قولَ ابنِ مسعودٍ -رَضِيَ اللهُ عنْهُ-: «مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيءٍ نَدَمِي عَلَى يَومٍ غَربَتْ شَمسُهُ، نَقَصَ فِيهِ أَجَلِي، وَلمْ يَزدْ فِيهِ عَمَلِي».
د. سهيل بن حسن قاضي – جريدة المدينة