بين التقني والورقي
جميلةٌ مسألة التقنيات التي بات الناس لا يستغنون عنها، لتأدية متطلبات حياتهم اليومية، وأصبحت هذه الخدمات التي تنجز عبر الهواتف ومواقع الدوائر، ملاذ الأغلبية العظمى، لأسباب كثيرة، أصبحت معروفة لسهولتها، وقلة الوقت المستغرق لإنجازها، وعدم الاضطرار إلى المراجعة الشخصية للدوائر.إزاء هذا الحديث، فإن الظاهر أن الخدمات التقنية مكتملة، بيد أن المفاجئ أن بعض الدوائر، وحين يتعلق الأمر بخدمة في دائرة أو جهة أخرى، فإن الأولى، تطلب المعاملة الورقية، ولا تقبل أن تكون هناك خدمة قد أنجزت عبر الهاتف أو التطبيقات الذكية.
في هذه الحال، فإن صاحب المعاملة مضطر للعودة إلى المربع الأول، وهو مراجعة الدائرة الأولى للحصول على معاملته التي أنجزها ورقياً، وعليها ختم الدائرة الرسمي.. والمفاجأة غير السارّة أنه مضطر إلى دفع مبلغ لم يكن في الحسبان؛ لأنه احتاج إلى ورقة مطبوعة فقط، وكان بإمكانه ألّا يتكلف أي شي، فيما لو قبلت الدائرة الثانية، المعاملة بشكلها التقني.
المسألة الأخرى البالغة الأهمية، أن يضطر شخص إلى تغيير بعض البيانات في معاملته التي أنجزها إلكترونياً، فيجد نفسه في دوّامة الدفع والإنفاق، التي لم تكن في حسبانه، وكأن ما وفّره على نفسه من جرّاء عدم التنقل بين الدوائر، وزحام الطرق، مضطر إلى دفعه، لمجرد تغيير رقم أو اسم في معاملته.التطور التقني الحاصل، لم يعد مدار حديث، فالتقدم الذي حصل في الإمارات، بات مثار إعجاب العالم، وتجربة تستحق الاسترشاد بها، وهي متوفرة لمن أراد الاستفادة منها وبقرار اتخذته الحكومة، بيد أن الواجب في هذا المقام هو المزيد من الإبحار في تنوّع الخدمات المقدمة عبر المواقع، وتشريحها لمعرفة السلس منها، وما يحتاج إلى تطوير وتعديل.
هذه العوائق تتجلّـى في الكثير من معاملات القطاع الخاص، فالبنوك مثلاً، وعندما تحتاج إلى كشف حساب تجده متوفراً عبر تطبيق البنك، ولكن إن احتجته مطبوعاً، فعليك الدفع عن كل شهر. وكذلك الأمر حين يكون لديك تأمين صحي، وتضطر للعلاج خارج الإمارات، فعليك إثبات الفواتير وتبعياتها بأوراق مصدّقة قد تكلف أكثر من قيمة فاتورة العلاج نفسه.
والأمر البالغ الأهمية، أن على الجميع أن يحاولوا عدم إعاقة «السيستم»، والحرص التام على تطوير التداخل ما بين الدوائر، خاصة ما يتعلق منها بين المحلي والاتحادي، وأن تكون جميع الدوائر على مستوى واحد من المتطلبات، خاصة تلك المعاملات التي تحتاج إلى أكثر من دائرة في أكثر من إمارة.الذكاء الاصطناعي، تطور جديد بات إحدى أهم قواعد العمل في كل المجالات، وعلى الدوائر والمؤسسات أن تجعله مكملاً لخدماتنا.
جمال الدويري – صحيفة الخليج