ما اسمك؟.. أنا ملك الموت
كتبت الكاتبة الإيرانية مارينا نعمت عن الموت فى سيرتها الذاتية «سجينة طهران»، مبتدئة الفقرة بهذا السؤال، ثم استطردت على لسان ملك الموت: «أحيانًا يكون الموت صعبًا، لكنه ليس سيئًا أو مخيفًا. إنه رحلة إلى الله، ولأن الناس لا يموتون إلا مرة واحدة، فهم لا يعرفون الطريق، ولذلك فأنا أرشدهم وأساعدهم».
لا أعتقد أن هناك من تكلم عن الموت بهذه الرقة والجمال من قبل. فالموت هو تلك المنطقة الوسطى التى ننتقل إليها بعد الحياة انتظارًا للآخرة. هى المجهول الذى لم يخبرنا الله عنه. ربما لأن عقولنا لن تستوعب تلك الحياة بقواعدها المختلفة حيث لا جسد من تراب يحد حريتها. أو ربما كانت أجمل من الحياة التى عرفناها جميعًا لأنها أكثر شفافية ولا زيف فيها، ما أجمل تلك الفسحة التى يعطل فيها الزمن وقوانين الفيزياء ويسقط فيها عن بنى آدم التكليف!.
ربما لهذه الأسباب أخفى الله عنا حقيقة الموت، فمن منا لا يحب أن يعيش متحررا من أعباء الدنيا سابحا فى ملكوت الله بلا قيد؟!. أعتقد أننا جميعًا قد نرغب فى الذهاب إلى هذه المنطقة الوسطى سريعًا ونترك كل ما أثقل كاهلنا خلفنا بلا تفكير، وندعو ملك الموت ليصحبنا فى رحلة آمنة نلتقى فيها وأحبابنا الذين سبقونا ونحوم بأرواحنا حول من مازالوا سجناء الجسد فى الدنيا.
حضر من أيام ملك الموت، وصحب أكثر من شخص أصاب غيابهم أحبابهم فى القلب بسهم الفراق، وتركهم مع الذكرى. الذكريات هى فقط ما يتبقى لنا من الأحباب حتى يأتى موعد رحلتنا ويصحبنا ملك الموت مثلما صحبهم.
عندما وصف الله جل وعلا الموت بـ «مصيبة الموت» كان يصف حالنا نحن الأحياء وليس حال المتوفى. فالموت مصاب جلل يصيب القلوب فى أرق منطقة، منطقة يسكنها فقط الأحباب، ويترك رسالة مؤلمة تقول «انتهى اللقاء».
كتب أبو حامد الغزالى فى كتاب «إحياء علوم الدين»: «إن سيدنا إبراهيم عليه السلام قال لملك الموت إذ جاءه لقبض روحه: هل رأيت خليلًا يميت خليله؟!. فأوحى الله تعالى إليه: هل رأيت محبًا يكره لقاء حبيبه؟!. فقال: يا ملك الموت الآن فاقبض». وهذا لا يجده إلا عبد يحب الله بكل قلبه.
ذهب من يحبهم الله بصحبة ملك يرشدهم فى رحلة جديدة لم يخوضوها من قبل ولم يعد منها أحد ليخبرنا عنها. فحتى نلقاكم لا يسعنا إلا أن نودعكم بابتسامة رضا ونهمس بقلوبنا «إلى اللقاء».
رشا زيدان – المصري اليوم