لقد تحدثنا في موضوع سابق عن الفنغ شوي أو طاقة المكان. وهي فلسفة صينية يُؤمن أصحابها بتأثير عوامل طاقية خفية على حياتنا، متعلقة بترتيب المنزل والمكان الذي نعيش فيه.
لكنني بعدها صرت أتساءل مستنكرة: لماذا المغلوب مُولع دائما باتباع الغالب وتقليده؟ كما قال ابن خلدون في مقدمته؟ أي، لماذا نعمد لاتباع إرشادات غربية في ما يتعلق باستجلاب مزايا ودفع رزايا طاقة المكان؟ رغم أنه توجد في ديننا الحنيف الكثير من الإرشادات والتوجيهات المتعلقة بذلك، التي من الأولى اتباعها بدل فلسفات الحضارات الأخرى الغالبة. ومنها ما يسمى بعُمار البيوت، أي الجن الذين يشاركوننا منازلنا.. فنحن نجهل أو نغفل عن كيفية التعامل مع هؤلاء، رغم أن رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، أرشدنا إلى ذلك، حفاظا على سلامتنا.
الجني الذي يُقاسمني منزلي
إن عالم الجن عالم غيبي بيّنت بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية أمورا متعلقة به، منها مثلا وجود نوع من الجن يظعنون ويعيشون معنا بمنازلنا أو حتى بالمحلات والمكاتب وكل مكان مغلق، يُسمون بعُمّار البيوت. وهذا، ما يُؤكده إمام مسجد: “إن الله- تعالى- خلق الجان من مارج من نار قبل خلق آدم- عليه السلام-. فالجان أبو الجن سكنوا الأرض وعمّروها. وهم أصناف كما وصفهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-. فقال: “الجن ثلاثة أصناف، صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء. وصنف حيات وكلاب. وصنف يحلون ويظعنون”. ومن الجن من يسكن البيوت مع الإنس، ويُسمون العُمّار. فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “إن لبيوتكم عُمّارا. فحرّجوا عليهن ثلاثا. فإن بدا لكم بعد ذلك منهن شيئا فاقتلوه.”
يُعينون الإنس على العبادة
قد تقع من الجن عُمّار البيوت بعض التصرفات والأمور المحسوسة، التي تؤثر في الإنس الذين يتقاسمون معهم المكان، إذ يؤكد السيد عبد الرحمان أن بيت أهله القديم كان عامرا بعمار مسالمين بل ومؤنسين. فهم كما يضيف: “منذ أن انتقلنا إلى ذلك المنزل ونحن نشعر بوجود قوى خفية تقاسمنا المكان. ولكننا تعايشنا معهم، ولم نعد نخشاهم أو نفزع من تصرفاتهم. فلقد كانوا مسالمين وغير مؤذيين. لا، بل وكانوا نافعين لي على صعيد العبادة. فأنا أذكر أنه في وقت صلاة الفجر، وإذا تكاسلت عن القيام، كان عمار البيت يضربونني أو يهزون سريري إلى أن أستيقظ وأؤدي صلاتي. وفي اعتقادي، عشرتهم كانت أفضل وأنفع من عشرة بني آدم.”
ونفس الأمر تقريبا، عايشه السيد يوسف ببيت أهله القديم، قبل زواجه وانتقاله للعيش بشقة، إذ يؤكد أنه: “قبيل كل صلاة كنا نسمع خرير ماء بالحمام، وكأن أحدهم فتح الحنفية ليتوضأ. الأمر الذي كان يدفعنا لاستطلاع الأمر والشروع نحن كذلك بالوضوء استعدادا للصلاة.”
ولا غرابة في ذلك، كما يوضح أستاذ الشريعة الإسلامية بلقاسم. ز: “لأن عمار البيوت قد يكونون أحرص من الإنس على الالتزام بأداء الفرائض والنوافل، بل وقد يُعينون إخوانهم المسلمين من بني آدم على الطاعات والعبادات والتقرب إلى الله تعالى.”
هل يُحرق الجن العامر البيوت؟
وعلى عكس ما سبق، فإنه يمكن أن تصدر من عمار البيوت تصرفات عدوانية تؤذي قاطنة البيت من الإنس، خاصة إذا كانوا من العصاة الكفرة. وفي هذا الشأن يوضح الشيخ: “إن ما قد يحدث في البيت من خوارق قد يكون لانتقام العمار من أهل البيت، جراء رميهم ماء ساخنا مثلا على المراحيض أو المطبخ، فيحرق أحد الجن، فينتقم منهم.” ورغم زعم البعض أن حرائق البيوت المتكررة التي لم يوجد لها سبب أو تفسير مادي محدد، هي من فعل عمار البيوت الذين يريدون الانفراد بالسكن في ذلك المنزل، وإما انتقاما من أهله الذين آذوهم بطريقة ما، فإن الشيخ ينفي ذلك ويوضح أن: “إشعال النار في البيوت هو من فعل الشيطان خادم السحر استجابة لأمر السحرة الفجرة الكفرة.”
التحريج على العمار لتفادي أذاهم
ومن هنا، تكمن أهمية معرفة الطرق والأساليب النافعة لتجنب أذى عمار البيوت ومنها:
-تسمية الله لدفع الجن العامر من ذلك المكان.
-عُمار البيوت قد يتشكلون في البيت بصورة الحية أو الكلب أو إنسان. وهنا علينا أن نُحرّج عليه ثلاثا بأن يخرج من البيت ولا يؤذي أحدا طاعة لله رب العالمين. فإن لم يفعل، فعليك بقتاله أو قتله.
-تحصين النفس والبيت بالأذكار والقرآن والصلاة والاستقامة والاستعانة بالله ودعاء الرحمان بالحفظ والستر.
ليلى حفيظ – الشروق الجزائرية