آراء

لعبة اليويو واكتتاب المليارات..!!

بالطبعِ، لنْ أذكرَ اسمَ إحدَى الشركاتِ التِي يتداولُ النَّاسُ حاليًّا أسهمَهَا بعدَ الانتهاءِ مِن اكتتابِهَا الذِي أكسبَ مُلَّاكَهَا الرئيسِينَ ملياراتٍ مِن الريالاتِ، عساهَا تكونُ لهُم بركةً وخيرًا وفلاحًا.ومغزايَ مِن الإشارةِ لهَا ولوْ مِن بعيدٍ، هُو أَنَّهَا مثالٌ ناصعٌ كالشَّمسِ لمَا يجرِي فِي سوقِنَا الماليَّةِ مِن أمورٍ قدْ لا تُضيفُ -للأسفِ- إلى قوَّةِ اقتصادِنَا الوطنيِّ بقدرِ مَا تُضيفُ ثراءً واستنفاعًا شخصيًّا لأفرادٍ محدودِينَ دونَ عمومِ المتداولِينَ المستثمرِينَ العاديِّينَ.فِي يومِ الاكتتابِ ارتفعَ سعرُ السَّهمِ كثيرًا، وتجاوزَ سعرُ الاكتتابِ بمَا يناهزُ العشرةَ في المئةِ، وانهالَ النَّاسُ علَى شرائِهِ، مأسورِينَ بإمكانيَّةِ ارتفاعِهِ أكثرَ وأكثرَ، ثمَّ بدأَ ينزلُ رُويدًا رُويدًا حتَّى إلى مَا دون سعرِ الاكتتابِ، وتعلَّق فيهِ مَن اشترُوه بأسعارٍ أعلَى مِن سعرِ الاكتتابِ،

بينمَا موقفُ مُلَّاكِ الشركةِ الرئيسِينَ غيرُ واضحٍ بالنسبةِ إليَّ بشكلٍ دقيقٍ، إذْ ربَّمَا قدْ باعُوا جزءًا مِن أسهمِهِم مُحقِّقِينَ أرباحًا كبيرةً، ومِن ثمَّ قدْ يُعوِّضُونَ أسهمَهُم المُباعةَ بهذهِ الأرباحِ عبرَ شراءِ نفسِ أسهمِ الشركةِ عندَ انخفاضِ سعرِهَا دونَ سعرِ الاكتتابِ، وِفْقَ مبدأ (بِعْ فوق واشْتَرْ أو قُشْ مِن تحت)، مثل لعبةِ اليويو التِي يتمتَّعُ ويتحكَّمُ فيهَا اللاعبُ بالكرةِ المربوطةِ بحبلٍ مطّاطيٍّ ارتفاعًا وانخفاضًا، ولَا خاسرَ سِوَى الذِي اشترَى السَّهمَ مِن المتداولِينَ العاديِّينَ راجيًا أنْ يربحَ منهُ فُتاتًا، فلَا يجدُ إلَّا تعليقةً علَى حبلِ غسيلٍ لَا فكاكَ منهُ إلَّا بخسائرَ تُعتبرُ فادحةً، مقارنةً بقيمةِ استثماراتِهِ المتواضعةِ!.مِن هنَا تظهرُ لِي أهميَّة قيامِ هيئةِ سوقِ المالِ بإعادةِ دراسةِ آليَّةِ الاكتتاباتِ،

وإصلاحهَا وتحسينهَا وتطويرهَا، والحرصِ علَى إيجابيَّةِ انعكاساتِهَا علَى الاقتصادِ الوطنيِّ الذِي هُو أهمُّ مِن استثراءِ قلَّةٍ مِن الأفرادِ علَى حسابِ ثُلَّةٍ مِن المتداولِينَ العاديِّينَ، حتَّى لوْ كانتْ شركاتُ الأفرادِ رابحةً فِي العمومِ، ومَا يحصلُ حاليًّا لبعضِ الشركاتِ هُو لعبةُ يويو احترافيَّةٌ ومُكسِّبةٌ لمَن بيدهِ الحبلُ المطَّاطيُّ ومُمِلَّةٌ ومُخسِّرةٌ لمَن لَا حبلَ لهُ سِوَى مُتابعةِ ارتفاعِ وانخفاضِ سهمِهِ معَ العجزِ عَن فعلِ شيءٍ يُعيدُ إليهِ رأسمالِهِ -علَى الأقلِ- بعدَ فقدانِ أملِ الربحِ، وحتميَّةِ الخسارةِ.

م. طلال القشقري – جريدة المدينة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى