Site icon كوش نيوز

رسالة محمد منير

«لو تدق الدنيا بابك بالمحبة أفتحلها.. وانسى كل اللى جرالك منها يوم وأضحكلها».. هكذا يحرضنا الكنج محمد منير على المحبة، طول عمره محبوب، ويغنى للمحبة.

شحيحة ظهورات «منير»، وما هو متواتر مقلق، ما نشرته صفحة منير على إنستجرام، يزيدنا قلقًا على قلق، نصًا: «بنعتذر لجمهورنا عن تأجيل الحفل القادم المقام يوم 22 أغسطس فى حديقة أنطونيادس فى الإسكندرية لأسباب طارئة».

قبلها بأيام خرج منير على جمهوره برسالة يطمئنهم «رسالتى لكم، هى محبتى الكبيرة، أنا بخير طول ما جمهورى بخير».

جد نفتقد منير ونقلق، منير حالة إنسانية خاصة جدًّا، يظهر عادة كالبدر فى تمامه، لا يفضل الظهور شاحبًا، يرفض الظهور للظهور وتزجية الفراغ، وإن ظهر يظهر متألقًا كعادته..

لا نصبر على غياب منير هكذا طويلًا، ننتظر طلة تبدد غيومًا، وأغنية تهزم الحزن، ودندنة تهز الوجدان، وترنيمة حب، وأنشودة سلام.. منير انهض، لا تغب هكذا دون جواب.

منير أغنية جيل تربى على التراتيل، صوت جيل مبحوح من الألم، عراف أسمر مضروب بالأمل، يبشر، علِّى صوتك بالغنا لسه الأغانى ممكنة ممكنة. اااه ولسه ياما.. ياما ياما ياما فى عمرنا.

يحارب القبح بالغناء، يواجه التطرف بالغناء، سلاحه الغناء، لا يحمل سوى أغانٍ ملونة تطير كالفراشات، آمال خضراء يزرعها فى نفوس الشباب.

مثل تاجر السعادة، يسكب تفاؤلًا من روحه فى نفوس متعبة، يمنح السعادة للحزانى المكسورين، يطبطب بكلماته على الظهور المحنية، ويربت بها على الأكتاف، ويمسح بها الرؤوس، يغنيها هكذا «بحر الحياة غدار.. الدنيا لسه بخير.. شايل معاه الأسرار.. فى حياتنا لسه كتير.. أيام تفوت وتروح.. بكرة هييجى أكيد.. أحلام تعيش وتموت.. حيجينا حلم جديد».. صحيح «لو بطلنا نحلم نموت».

منير يحلم، ويحرض على الحلم، يحلم للشباب ينور على الشباب، يبحث عنهم فى كل مكان، ويدعوهم إلى الغناء، يجاورهم، لا يخشى منير إبداع الشباب، يستلهم منهم عشق الحياة، منير يحب الحياة، والغناء إكسير الحياة، ولن نكسب معركة الحياة إلا بالغناء هكذا يعتقد منير ويجتهد فى تحقيق حلمه.

لماذا يكون «منير» منيرًا حتى فى أوقات الظلمة؟ لماذا لا يشيخ أبدًا؟ من مواليد 10 أكتوبر 1954، لماذا هو شاب دومًا ويحبه الشباب فوق وتحت العشرين، لماذا لا ينفض عنه الدراويش، منير مثل صاحب طريقة يتحلق من حوله المريدون.

منير فى ترجمة شخصية ابن الأرض الطيبة ويغنى من أرضية مصرية، يغنى للسمراء، لبهية، للبنت أم مريلة كحلى، يغنى أغنية ياسين، عاشق منير لمصر.

منير يغنى لمصر، لأغلى اسم فى الوجود، لاسم مخلوق للخلود، يغنى للسفينة تمخر العباب مارة بقناة حفرها الشباب، يغنى لمستقبل واعد، والحقول خضراء، والمصانع تصطخب بالحياة، يغنى للميلاد، مصر تستيقظ من رقاد، منير يوقد شمعة يتحدى دياجير الظلام.

طول عمره كنج، لم يسع إلى جائزة ولا تكريم فى محفل متخم بالثراء، منير جائزته التفاف الشباب، مشكلة منير فى العثور على الكلمة والبراح، يحب البراح، يجيد منير فى الهواء الطلق، ينعشه، يصدح صوته سارحًا فى الفضاء لا يجيد غناء الصالونات والمسارح المغلقة، أعطِ منير براحًا يملأ الكون غناء.

حمدي رزق – المصري اليوم

Exit mobile version