ما ينتظره الشعب السوداني
الشعب السوداني يحسب الدقائق والثواني وهو ينتظر أن تنتهي الحرب بأسرع ما أمكن.. وأن تطوي معها واحدة من أسوأ صفحات التاريخ،
وأن لا تعود البلاد قط لما كانت عليه قبل 15 أبريل 2023، فلا دعم سريع ولا أية قوات خارج مظلة القوات المسلحة السودانية، وأن يصمم نظام سياسي جديد لا يسمح بالعبث الذي استمر منذ ما قبيل الاستقلال،
بالتحديد من حكومة أزهري الأولى، إلى اليوم.. نظام سياسي لا يتلاعب بأقدار البلاد لصالح أقدار الأحزاب والساسة..
وأن تبدأ جمهورية جديدة عمادها مصالح الوطن والمواطن لتحقق النهضة التي يستحقها شعب يملك أفضل رقعة جغرافية في القارة الأفريقية والوطن العربي.
ببساطة هذه هي مطالب المواطن السوداني.. فما الضير فيها وما الذي يجعلها أشبه بكلمة الكفر عند البعض الذي ما أن يسمع بـ “مفاوضات- سلام- اتفاق” إلا وأخرج كنانته من سهام الخيانة والعمالة وبقية مفردات الزجر والتخويف.
لنفترض حسن النية في الذين يدعون لاستمرار الحرب بلا نهاية تبدو في الأفق المنظور، ونفترض أنهم يريدون تحقيق السلام بعد ازاحة كامل أسباب الحرب و على رأسها الدعم السريع الذي تسبب في الكارثة التي يدفع ثمنها كل بيت سوداني..
فليس هناك أي تناقض أن يستمر دعاة الحرب في سعيهم لتحقيق النصر المبين، ويستمر دعاة التفاوض في الحث عليها، ويصبح الهدف الأعلى لكلا الفئتين واحد، مع اختلاف الوسيلة والمسار،
فكل الطرق تؤدي إلى روما ومن وصلها أول وبأقل تكاليف فهو المطلوب..
إذا كان اتفاق السلام يحقق مطلوبات الشعب السوداني بأقل قدر من الدماء والأشلاء وفي أسرع وقت ممكن،
فلماذا نسلك الطريق الآخر الذي يصل للنتيجة ذاتها لكن عبر رأس الرجاء الصالح..
والأثر النبوي يقول ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما..
الذين يدعون لاستمرار الحرب بحسن نية و بفرض أن ذلك أفضل للوطن والمواطن،
لا ضير هذا اختياركم ولا تثريب عليكم،
وبالقدر ذاته الذين يدعون للتفاوض وانهاء الحرب بحل متوافق عليه، فلا ضير و نَعِمّا هي ..
ولا تناقض بين المسارين..
فلماذا التخوين والزجر و التهديد والوعيد؟
من الحكمة أن نأخذ درسا من الحال الذي في نهاية الأمر أفضى بالسودان إلى حرب مهلكة،
دائما خلف كل أزمة سياسية عقل متحجر لا يقبل تشاركية القرار والمصير..
عقل استحوازي يرهن الوطن والمواطن لوصاية ينقصها الرشد..
من الحكمة أن نجعل هذه الحرب، آخر مصائب السودان، فقد أعطى شعبنا ولم يستبق شيئا..
التيار