هري.. هري.. هري
هرية «شيرين وحسام» باتت قديمة، رغم محاولات إحيائها بتفاصيل جديدة كل حين لكنها تقريبا ماتت، وهرية طلاق «هنا الزاهد وأحمد فهمى» لم تلق شيوعا، وتوقعا هرية «الصقر أحمد حسن والتوأم حسام وإبراهيم» لن تصمد طويلا.
مطلوب بشكل عاجل هرية جديدة، ساخنة يسيل لها اللعاب وتتناقلها الأفواه، وتترجم «ترند» يجلب سيلا من المشاهدات، الفضاء خاو من الهرى وهذا يجلب الملل فى الحر، الناس هتهرى فى إيه، تمضغ إيه، اللبان سعره غالى اليومين دول.
الهرى فى إيه النهارده، وبكره، وبعد بكره، وما هية هرية الأسبوع، قالوها الأجداد «الفاضى يعمل قاضى»، ونحن فاضيين للهرى، صباحا مساء وبعد منتصف الليل، من آناء الليل وأطراف النهار، هرى، هرى، هرى.
الفضاء الإلكترونى يشغى هريا، إلحق اتجوزت، اتطلقت، عادت، راحت، شفت فستان جميلة، ولا إطلالة إلهام، مجتمع النميمة تضخم، وصار عبئا ثقيلا على السلامة النفسية للمجتمع كله.
الشارع الطيب يضج بالهرى الحادث فى الساحل الشرير، الهرى فى الفاضى والمليان، والمليان يكب على الفاضى، ونظرية الأوانى المستطرقة متحققة تماما، ونار النميمة من مستصغر الهرى.
وشفت، وسمعت، وقالوا، وقلنا، ومنشور على الفيس، يااااه مصيبة، فظيعة، معقول، حصل، وباغلظ الأيمانات حصل حتى شوفها على الفيس، بذمتك شفتها عارية، شفت فيديو هدير، هادر على تويتر، أدققت النظر؟، شكلك عاوزة تلسكوب يا عمنا.. آه بس حرام، النميمة حرام والغيبة كمان.
الهرى خرق السقوف جميعا، اللى نبات فيه نصبح فيه، نستيقظ على هرية، وننام على هرية، هرى هرى هرى، وأهرى وأنا أهرى، اتهرينا هرى.
أخشى هناك من ينظم انسياب الهرى فى الشارع، ويبث الهرى فى الفضاء الإلكترونى، النميمة الإلكترونية صارت شغلا شاغلا، متوالية اشتغالات، تدور فى فلكها المجتمعات، فيلتقطها بعض النظارة، فيشيرونها تشييرا كثيفا.
وهكذا تولد «الهرية» فى الفضاء، تتنزل على الفيس، يلوكونها، ويمضغونها، ويستحلبون رحيقها، ثم يلقونها فى عرض الطريق يلتقطها بعض السيارة.
منظومة الهرى التى تبدو عشوائية إلى أن يثبت العكس، تستنفد قوى الشعب العامل (من المفردات الاشتراكية) وتتفاعل مع كروموسومات الشر الكامنة، وتتحور لتستولى على العقول فتحرفها بعيدا عن القضايا الحيوية، وتخلط (من التخليط) الخاص بالعام، فلا تبين الفروق بين الخاص والعام.
جواز شيرين خاص جدا، وطلاقها من أدق الخصوصيات، وغيرها كثير، الناس حاطه مناخيرها فى كل حاجة، ويحولون الخاص إلى عام، ويصنعون من الحبة قبة، ويتسلقونها عاليا، فيصنع الترند على أعينهم وبمشاهداتهم، وإسهاماتهم تشييرا كثيفا.
حالة «الهرى المسيطرة على العقل الجمعى» تستوجب دارسة مجتمعية، نفساوية، «مسك السيرة» مرض متوطن، وسارٍ فى آن، وضاعفت من عدواه وسائل التواصل الاجتماعى، وجروبات «الماميز»!!.
مرض اجتماعى يستوجب علاجا، والعلاج بالمعلومات الصحيحة المتاحة ليتنفس الناس طبيعيا، ومشروعا مجتمعيا يجتمع عليه الناس ويتحلقون، النقاشات فى القضايا الكبيرة مهمة وضرورية كوصفة علاجية.
إذا تركنا الشارع نهبا للهرى، لسفاسف الأمور لن نجده عندما نحتاجه فى قضايا المستقبل، تخيل قصة بطلة السلاح الحامل فى شهرها السابع، والأخرى التى زاد وزنها ٨٠٠ جرام إذ فجأةً فى ليلة، أكثر اشتهاء من قصة إعادة إحياء قلعة الصناعة النسجية فى المحلة، تبز قصص مشروعات قومية تغير بنية المجتمع بالكلية.. لله فى خلقه شؤون!!.
حمدي رزق – المصري اليوم