آراء

لكي يصبح يومنا السيئ.. رائعًا

* (فِي السنةِ الماضيةِ أجريتُ عمليةَ إزالةِ المرارةِ، ولازمتُ الفراشَ عدَّةَ شهورٍ، وفيهَا بلغتُ السِّتِينَ مِن عُمرِي، فتركتُ وظيفتِي المهمَّةَ فِي دارِ النَّشرِ التِي ظللتُ أعملُ بهَا ثلاثِينَ عامًا، وفيهَا تُوفِّيَ والدِي، ورسبَ ابنِي في اختبارِهِ بكليَّةِ الطَّبِّ؛ لتعطُّلِهِ عَن الدِّراسةِ عدَّة شهورٍ؛ بسببِ إصابتِهِ فِي حادثِ سيَّارةٍ…)، هذَا مَا كتبهُ مؤلِّفٌ كبيرٌ فِي صفحةٍ وضعهَا علَى مكتبهِ -وهُو يبدُو بائسًا-؛ حيثُ ختمَهَا بـ»يَا لهَا مِن سنةٍ سيِّئةٍ»!!.* وهنَا دخلتْ زوجةُ ذلكَ الرَّجلِ، ولاحظتْ حزنَهُ وشرودَهُ، فاقتربتْ منهُ، ومِن فوقِ كتفهِ قرأتْ مَا كتبَهُ، بعدَهَا تركتِ الغرفةَ بهدوءٍ دونَ أنْ تقولَ شيئًا، لكنَّهَا بعدَ دقائقَ عادتْ وقدْ أمسكتْ بيدِهَا ورقةً أُخْرَى، وضعتهَا بجوارِ الورقةِ التِي سبقَ أنْ كتبهَا زوجُهَا.* تناولَ الزَّوجُ الورقةَ،

وقرأَ فيهَا: (فِي السنةِ الماضيةِ، شُفيتَ مِن آلامِ المرارةِ التِي عذَّبتكَ لسنواتٍ طويلةٍ، وبلغتَ الستِينَ وأنتَ فِي تمامِ الصحَّةِ، وتقاعدتَ لتتفرَّغَ للكتابةِ والتأليفِ بعدَ أنْ تعاقدتَ علَى نشرِ أكثرِ مِن كتابٍ مهمٍّ، وفِي السنةِ التِي انقضتْ عاشَ والدكَ حتَّى بلغَ الخامسةَ والثَّمانِينَ مِن عمرِهِ دونَ أنْ يُسبِّبَ متاعبَ أوْ مشكلاتٍ لأيِّ أحدٍ، وتُوفِّيَ فِي حالةٍ مِن السَّكينةِ ودونَ ألمٍ!، أيضًا يَا زَوجِي الغَالِي فِي السنةِ التِي ذهبتْ؛ نجَا ابنُكَ مِن الموتِ فِي حادثِ السيَّارةِ، وشُفِيَ دونَ عاهاتٍ أو مضاعفاتٍ)، وختمتِ الزَّوجةُ ورقتَهَا بِـ: (يَا لهَا مِن سنةٍ رائعةٍ،

تغلَّب فيهَا حظُّنَا الحَسنُ علَى حظِّنَا السَّيئِ؛ فالحمدُ للهِ، ثمَّ الحمدُ للهِ علَى كلِّ شيءٍ…).* القصَّةُ أعلاهُ دائمًا مًا استحضرهَا «كلَّما حاصرنِي الضِّيقُ والألمُ»؛ ففيهَا حكمةٌ بالغةٌ تنطقُ بأنَّ الكثيرَ مِن الأحداثِ ثابتةٌ، ولكنَّ نظرتنَا إليهَا هِي مَن يحدِّدُ اتجاهاتِهَا وتبعاتِهَا بينَ السلبيَّةِ والإيجابيَّةِ؛ فمَا نراهُ سيئًا الآنَ، ربَّمَا نجزمُ بروعتِهِ وجمالِهِ بعدَ تفكيرِ لحظاتٍ فقطْ.* أخيراً، مما قرأت: %10 فقط من حياتنا هو ما يحدث لنا، فيما 90% منها هو ما نصنعه (نحن)؛ وذلك بكيفية تفاعلنا مع هذه العشرة الأولى سلباً أو إيجاباً؛ فهذه دعوة للتفاؤل والابتسامة، وتحويل المواقف السلبية في حياتنا اليومية إلى محطات للتحليق في فضاءات الأمل؛ الذي يصنع الرضا والعمل؛ فضلاً وكرماً، تلطفوا بالابتسامة الآن، وسلامتكم.

عبدالله الجميلي – جريدة المدينة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى