بين الحنين والذكرى

الحب يشبه فصول العام، قد يكون عواصف جامحة، وقد يكون نسمات رقيقة، وقد يعبر ولا يبقى له أثر.. كان نزار قبانى يقول لى أنا لا أنسى امرأة أحبتنى وأحببتها وكتبت فيها شعرا، والقصيدة أطول عمرا من الحب.. وهناك امرأة مثل فصول العام تترك لك نسمة رقيقة، وأخرى تترك لك عاصفة متمردة، وبعد أن يسدل الستار ويمضى كل فى طريق ويفترق الأحباب، تبقى أشياء تسكن القلب ولا تغيب، إنها الذكري، ومعها الحنين.. والذكرى شجرة كبيرة ثمارها الحنين والأشواق، وأحيانا شيء من الألم إذا ترك الحبيب جراحا، وفى أحيان كثيرة تتحرك عواصف الأشواق تكبر الذكرى ويزداد الحنين وتعود أطيار الحب تحلق مرة أخري.. وإذا انتهت الأشياء بجرح عميق تزداد العواصف ويصبح اللقاء صعبا والتسامح مستحيلا، وتزداد الغيوم ويغيب ضوء الشمس ويختنق النهار، وتصبح الذكرى آخر ما بقى من رحلة القلوب المتعبة.. ويجلس الأحباب على تلال الذكرى يستعيدون زمانا رحل مازال الحنين يحملهم إليه.. يبقى الحب شجرة تحتاج إلى الرعاية ولا نتركها للعواصف والرياح لأن الحب كائن ضعيف لا يحتمل قسوة الظروف ومتقلبات الزمن، إنه مشاعر رقيقة لا تعرف صخب الحياة ومتغيرات البشر.. وإذا تغيرت الأشياء حوله سرعان ما ينسحب ويترك بعده فراغا رهيبا يسمى الذكرى والحنين..
وأصعب الأشياء أن تترك لمن أحبك جرحا وقد ننسى الحب وتبقى الجراح وما أكثر جراح الحب إنها الإهمال والجفاء وربما الخيانة، وجرح الخيانة لا يشفى لأنه نزيف دائم وقد تجد أعذارا كثيرة لمن أهمل أو تجاوز ولكن ماذا تفعل مع قلب أصابته سهام سامة لا علاج لها ولا شفاء منها.
فاروق جويدة – بوابة الأهرام