آراء

صناعة الفقر.. ابحث عن المرأة

لسنوات طويلة وعندما كنت أسمع أن أمريكا من أكبر دول العالم مديونية كنت أتعجب كثيرا؛ كيف تكون أغنى دولة في العالم مدينة، ولمن؟ أليست هي الأغنى، وتقدم «المساعدات» للدول الفقيرة! لكن كثيرا من الحقائق التي أظهرتها كتب ووثائق كُشف عنها النقاب، وكثيرا أيضا من الاعترافات والتسريبات، التي ظهرت تباعا، أزال الغموض وأكد نظريات كانت توصف سابقا بأنها إما متطرفة أو «مؤامرة». ولو تأملنا قليلا فكرة أن كل الدول مدينة -ديون حكومات دول العالم وصلت، وفق تقارير أممية، إلى 91 تريليون دولار، وهو مبلغ يقارب حجم الاقتصاد العالمي بأكمله- فسندرك أن صاحب الدَين لا شك أغنى وأقوى منها، وإلا فما ضمانة ديونه؟ وهذا يستدعي مقولة «لا تهمني الدمية التي تجلس على عرش بريطانيا إذا كنت أنا من يصنع النقود»، وهذه واحدة من مقولات عدة بهذا المعنى منسوبة إلى زعماء عائلة روتشيلد، التي تحدث عنها وليام جاي كار الكاتب الكندي في كتابه التاريخي «أحجار على رقعة الشطرنج»،1955، والذي يشرح كيف سيطر هؤلاء على صناعة المال في أوروبا وانجلترا خاصة، ص 66-70. وقد غادر كار هذا العالم بعد إصداره كُتُبا مماثلة في فضح جرائم أعداء الإنسانية كان آخرها «الشيطان أمير هذا العالم» 1959، إذ وجد مقتولا في ظروف غامضة بعد صدوره بشهور.

ولأن أعداء الإنسانية، وفي إطار صناعة الكفر، يديرون صناعة الفقر، وصناعة المرض، وصناعة الجهل، وصناعة الوهم، إلخ..، للوصول إلى الهدف النهائي وهو إنهاء عبادة الله في الأرض، فسيكون من الطبيعي أن يتداخل حديثنا عن كل صناعة من تلك الصناعات الشيطانية في بعض المفاصل والسرديات. ونبقى مع صناعة الفقر، ولكن في مفصل من أخطر مفاصلها، وهو التغرير بالمرأة التي بإفساد طبيعتها ضربوا عصافير كثيرة؛ في صناعة الفقر، بإخراجها لسوق العمل واستخدامها ذريعة لخفض أجور الرجال، وفي صناعة الفساد والانحلال، بإقناعها بالتعري وتحويلها هي ذاتها إلى سلعة تباع وتشترى، بداية من الدعارة إلى الإعلانات التجارية، وفي صناعة الهدم المنظم للمجتمع، بشغلها عن وظيفتها المقدسة التي خصها الله بها، وهي إنتاج الذرية ورعاية النشء. لقد ضربوا نصف المجتمع «الرجل» بنصفه الآخر «المرأة»، وجعلوهما في حرب مفتوحة، رغم أنف الجانبين.

وهم لم يكتفوا بالخروج الجزئي للمرأة للعمل بفعل الثورة الصناعية وتداعياتها، ولا بفعل نقص الأيدي العاملة بفعل الحربين العالميتين، فروجوا ما سموه «حركة تحرير المرأة» التي ظلت تتصاعد وتتأجج لتشهد زخما كبيرا خلال ستينيات وسبعينيات القرن الـ20. وللمخرج الأمريكي إيرون روسو تصريحات تؤكد استغلالهم للنساء في صناعة الفقر والفساد والكفر، أساسها معلومات أسرّ بها له نيكولاس روكفلر أحد أقطاب العائلات الـ13 التي تحاول السيطرة على العالم. يقول روسو إن روكفلر أفصح له عن أن تلك العائلات كانت وراء شعار «تحرير المرأة» الزائف لإخراج المرأة من البيت. ويضيف روسو تفصيل تلك الخطة الشيطانية في قول روكفلر: «نحن كنا وراء إخراج المرأة للعمل لإيجاد أيد عاملة بأجور أرخص، ولجعلها، وهي نصف المجتمع، تدفع ضريبة عن دخلها، ثم تفكيك الأسرة بإرسال الأطفال إلى دور الرعاية والمدارس التي نتحكم فيها ونلقن من خلالها الأطفال ما نريد». روسو التقى روكفلر قبيل هجمات 11 سبتمبر 2001، التي ذكر أنها كانت إحدى مكائد آل روكفلر، وأفشى بتلك المعلومات للصحفي الأمريكي أليكس جونز، أوائل العام 2007، و»توفي» في أغسطس من نفس العام، بعدما زُرع في جسمه السرطان، كما فُعل برئيس فنزويلا السابق هوجو شافيز، وهذا أيضا مما ألمح إليه روكفلر خلال ذلك اللقاء.

وتحدث روسو أيضا عن الصحفية الأمريكية اليهودية غلوريا شتاينيم التي كانت، وما تزال، رأس حربة القوى الخفية بقيادة آل روكفلر، في تعميم إخراج المرأة من البيت. وقد كشفت شتاينيم في كتاب لها بعنوان «ما وراء الكلمات»، عن علاقتها بال»سي آي إيه»، وأنهم مولوها لإصدار مجلة باسم (MS Magazine) «مجلة السيدة»، كانت مهمتها المحددة تفتيت الأسرة وتحريض المرأة على استباحة الإجهاض والخروج للعمل لتعميم فرض الضرائب عليهن. وهي وإن حاولت نفي ذلك الاعتراف لاحقا، بتفسيرات ومراوغات، فقد أكده الصحفي الأمريكي جون لوفتون مشيرا إلى تصريحات لشتاينيم بذات المعنى في الواشنطن بوست ونيويورك تايمز في فبراير عام 1967.

وأحسب أن البشرية لم تصب مصابا جللا في عمومها كمصابها بإخراج المرأة من بيتها وتعريتها، ثم استخدامها في تدمير المجتمع بحجة تحريرها وحمايتها من الرجل. فلم تكن القوانين التي صنعوها من أجل ذلك إلا للإمعان في تدمير النسيج المجتمعي وتخريب العلاقات الإنسانية. خذ مثلا، قوانين الطلاق التي أعطت المرأة حق الاستيلاء على نصف ما يملك الزوج حال الطلاق حتى ولو لم يستمر الزواج إلا شهورا معدودة. وقد أدى ذلك إلى عزوف الرجال عن الزواج الرسمي وتفضيل العلاقات غير الشرعية ما سبب انتشار الجرائم والفساد واختلاط الأنساب، وتشوه المجتمع، مع الإفراط في إدمان كل أنواع المحرمات، واطراد ازدياد الفقر. لكن ما سُمي تحرير المرأة لم يكن إلا وهما بحسب كثيرين من بينهم الكاتبة سيلفيا آن هيوليت. ففي كتابها «حياة أقل شأناً: أسطورة تحرير المرأة في أميركا»، 1986. تقول سيلفيا إن تحرير المرأة لم يكن إلا وهماً، ولم يحررها إلا من ضوابط ممارسة الجنس ومن العقيدة، ولم يكن هدفه إلا هدم الأسرة. لذلك تحضر هنا مقولة الفرنسيين «ابحث عن المرأة»، التي يبدو أن أعداء الإنسانية نفذوها بطريقتهم الخاصة في طريق صناعتهم للكفر ولكل وسائل السيطرة على البشرية. وكما وسوس الشيطان لآدم وحواء فأخرجهما من الجنة، وسوس لها هؤلاء ليخرجوها من «بيتها».

عصام بيومي – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى