أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

إذا عاد إلى البيت الأبيض.. هل يستطيع ترامب ترحيل 20 مليون مهاجر غير شرعي؟

تميّزت الولاية الرئاسية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب بتركيز كبير على ملف الهجرة، إذ أظهر رغبة في إحداث تغيير جذري في نظام الولايات المتحدة الخاص بالمهاجرين وطالبي اللجوء.

وحتى خلال حملته الانتخابية الأولى، في عام 2016، هاجم ترامب المهاجرين واعتبر أن أغلبهم”مغتصبون وناقلون للمخدرات والجريمة” .

واتسمت بداية ولايته (2016-2020) بقراره الذي أثار جدلا واسعا، وقتها، القاضي بحظر سفر مواطني 7 دول ذات غالبية مسلمة لأميركا.

والآن، مع بدء سعيه للعودة إلى البيت الأبيض، يقول ترامب إنه إذا انتُخب مرة أخرى، فإنه عازم على ترحيل نحو 20 مليون مهاجر من الولايات من الذين يعيشون فيها من ةدون إذن قانوني .
فهل يستطيع فعل ذلك؟

“في الحقيقة، لا يسمح القانون الأميركي للرئيس بتنفيذ أجندته السياسة على حساب التشريع”، يقول الخبير القانوني الأميركي ألبيرت موخيبر لموقع “الحرة”.

موخيبر أكد أن نظام الفصل بين السلطات في الولايات المتحدة يفرض على كل سلطة أن تتقيّد بصلاحياتها فقط، “ومن هذا المنظور لا يستطيع أي رئيس أن يفعل ما بدا له”، وفق قوله.

وشدد موخيبر، المختص في شؤون الهجرة في الولايات المتحدة، على أن “القانون الأميركي واضح بخصوص مصير المهاجرين”.

وقال إن هناك ثلاثة مسارات أمام المهاجر، إما جعل وجوده قانونيا بالحصول على إقامة دائمة قابلة للتجديد، أو التقديم على الجنسية إذا كان حاصلا أصلا على حق الإقامة، أو التعرض للترحيل إذا ثبت أنه أهلٌ لذلك “بعد الأخذ بعين الاعتبار جميع الاعتبارات مثل حقه في اللجوء أو سيرته أثناء وجوده في الولايات المتحدة وغير ذلك”.

ردا على ذلك، قال المخطط الجمهوري، إيلي بريمر، إن “ترامب أكد مرارا أنه يتمنى أن يصل لتنفيذ خطته الخاصة بالمهاجرين ومن ضمنها ترحيل تلك الأعداد، ولم يقل أبدا أنه سيفعل ذلك خارج الأطر القانونية للبلاد”.

وفي اتصال مع موقع “الحرة” شدد بريمر على أن المرشح الجمهوري يسعى للمرور عبر الأساليب القانونية لتنفيذ خطته ومنها التعامل بشكل وثيق مع مؤسسات الدولة وأبرزها الكونغرس.

يُذكر أن قرار ترامب خلال ولايته السابقة بحظر سفر بعض مواطني الدول ذات الأغلبية المسلمة لقي معارضة من بعض القضاة، حتى انتهى الأمر به للتعليق في أكثر من ولاية.
خطة ترامب

حتى عندما تم استهدافه، خلال خطابه، السبت، كان ترامب يتحدث عن نحو 20 مليون مهاجر وقضية الهجرة.

وغالبًا ما يُحرّك ترامب قاعدته من خلال التذمر من الجرائم العنيفة التي يرتكبها المهاجرون.

ووجدت رسائل ترامب المتعلقة بالهجرة جمهورًا أوسع في دورة الانتخابات هذه، إذ ارتفعت وتيرة محاولات دخول التراب الأميركي عبر الحدود مع المكسيك خلال الأشهر الأخيرة.

وفي مناسبة سابقة، قال ترامب لمجلة “تايم” إنه سيستهدف ما بين 15 مليونا و20 مليون شخص، قال إنهم غير موثقين في الولايات المتحدة .

وخلال المناظرة الرئاسية في 29 يونيو، زعم أن هناك 18 مليون مهاجر غير شرعي في الولايات المتحدة، لكن أحدث تقدير حكومي هو أن ما يقرب من 11 مليون مهاجر غير شرعي يقيمون في الولايات المتحدة اعتبارًا من 1 يناير 2022، بزيادة 500 ألف عن العامين السابقين ولكن بانخفاض عن إجمالي عام 2010 البالغ 11.6 مليون .

ويقدر مركز بيو للأبحاث عدد المهاجرين غير الموثقين في الولايات المتحدة بحوالي 10.5 مليون في عام 2021 .

ومن غير الواضح عدد المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة ثم غيروا وضعهم القانوني مذاك، أو عدد الذين غادروا طواعية منذ ذلك التقدير. لكن ترامب يصر على أن عددهم كبير، وذلك رغم قلة المعطيات، مشيرا إلى أنه سيضع خطة لترحيلهم وينفذها بصرامة.

تعليقا على ذلك، قال موخيبر إن مسار ترحيل ملايين المهاجرين لا يطرح إشكالية قانونية فقط بل هناك العامل الإجرائي، وشكك في قدرة أي إدارة أميركية على التعامل مع هذه الأعداد الهائلة التي تحدث عنها ترامب.

وقال “لا أعتقد أن بإمكانه تنفيذ ما يعد به (ترامب)، لأن القانون يستوجب التعامل مع المهاجرين بأطر تشريعية موجودة أصلًا، وليس قرارات مستحدثة مبنية على رؤية سياسية آنية”.

وكشف أن هناك مسارًا قانونيًا مريرًا حتى نصل إلى قرار ترحيل شخص ما “فما بالك بملايين البشر”.

وأعاد التأكيد على أن “هناك سلطات عديدة في البلاد تتدخل في ملف المهاجرين والترحيل، منها السلطة القانونية، والتشريعية والتنفيذية، لا يستطيع ترامب أن يقرر بين يوم وليلة وينفذ ما قرر”.

ووفق القانون الأميركي، فإن ترحيل شخص غير مواطن من الولايات المتحدة بسبب انتهاك قانون الهجرة يستجيب لعدة اعتبارات أبرزها أن يكون الشخص شارك في أعمال إجرامية، أو يشكل تهديدًا للسلامة العامة أو انتهك الفترة التي تسمح له تأشيرته بالبقاء في التراب الأميركي.

في السياق، نوه موخيبر بأن أغلب الذين يعبرون الحدود يفعلون ذلك لطلب اللجوء، “وهو أمر قد لا يسمح لك بترحيلهم بهذه السهولة”، وفق تعبيره.

ولفت إلى أن الفئات التي يحظر القانون الأميركي منحها حق اللجوء تشمل أولئك الذين قد يشكلون خطرًا على السلامة العامة أو الأمن القومي.

وتسمح القاعدة للمسؤولين برفض المهاجرين في هذه الفئات وترحيلهم بعد عبورهم الحدود مباشرة.

موخيبر عاد ليؤكد أن ترحيل 15 أو 20 مليون شخص “ربما ليست واقعية”.

لكن بريمر يرى عكس ذلك، إذ يشدد من جانبه على أن عملية الترحيل تستوجب اتخاذ اعتبارين أولهما قانوني والثاني إجرائي، رافضا فكرة أن الخطة غير واقعية.

بريمر قال إن الاعتبار الخاص في الجانب القانوني “سيحيله ترامب إلى المختصين الذين يبحثون في كل ملف لكل مهاجر حتى يضمنوا أن ترحيله يدخل ضمن الأطر القانونية، وأما الثاني فيحتاج إلى لوجيستية محكمة وتمويل خاص وهذا سيبحثه ترامب لاحقا مع إدارته” .

بريمر استدرك بالقول: “لماذا وجد بايدن المال ليستقبل هاته الملايين من المهاجرين واللاجئين في فنادق في نيويورك ويشكك البعض في أن ترامب سيجد التمويل لترحيلهم؟”.
تأكيد “الوعيد”

حتى خلال المؤتمر الوطني لحزبه، المنعقد منذ الاثنين في ميلووكي، في ولاية بنسلفانيا، تركز الحديث في اليوم الثاني (الثلاثاء) على هذا ملف المهاجرين الذي يُنظر إليه من جانب الجمهوريين والديمقراطيين بشكل مختلف تماما.

يُذكر أن اليوم الأول من المؤتمر الذي ضم نحو 50 ألف جمهوري، خصص لترسيم ترشيح ترامب للانتخابات المقبلة، بمعية جي دي فانس، المرشح لمنص نائب الرئيس، ضد الرئيس الحالي الساعي لولاية ثانية، جو بايدن ونائبته كامالا هاريس..

وكان ترامب من أشد المعارضين للطريقة التي يتعامل بها الديمقراطيون مع المهاجرين، واتهم في عدة مناسبات بايدن بالتساهل مع هذا الملف، وفتح الحدود للمهاجرين غير الشرعيين.

وحددت خطابات ترامب في هذا الشأن، نبرة العديد من قادة الحزب الجمهوري الآخرين، بمن فيهم حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس، الذي وقّع على قانون هجرة شامل للولاية يمنح المسؤولين المحليين والولائيين سلطات إنفاذ قانون الهجرة، وعضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري في أوهايو جي دي فانس الذي اختاره ترامب مرشحا لمنصب نائب الرئيس.

وكان ملف الهجرة موضوع أول إعلانات فانس في حملته لعام 2022 لمجلس الشيوخ.

وفي حين أن معظم الإعلانات كتبها مستشاروه، قال فانس إنه كتب الإعلان الذي يخص الهجرة غير الشرعية بنفسه.

وقال في الإعلان وهو ينظر مباشرة إلى الكاميرا “إن الحدود المفتوحة لجو بايدن تقتل سكان أوهايو”.

وتابع “مع مزيد من المخدرات غير المشروعة، مزيد من الناخبين الديمقراطيين يتدفقون إلى هذا البلد” .

وتعكس آراء فانس بشأن الهجرة إلى حد كبير آراء ترامب، فهو يريد الانتهاء من بناء الجدار الحدودي بل أعلن أنه “سيعارض كل محاولة لمنح العفو” للمهاجرين الذين وصلوا إلى أميركا بشكل غير قانوني.
وعد انتخابي؟

وصف ناصر فياض، المحامي وأستاذ القانون الدولي “وعيد” ترامب بالوعد الانتخابي لكسب أصوات الناخبين من اليمين المحافظ.

وقال في اتصال مع موقع “الحرة” إن قضايا الترحيل تتّبع مسارات محددة، ضمن محاكم تدرس وضع هؤلاء المهاجرين و”لا يمكن لأي رئيس أن يقرر من نفسه أن يرحل المهاجرين.

فياض لفت إلى كون الولايات المتحدة “دولة راعية للجوء”، ناهيك عن أنها مطالبة من القانون الدولي أن تراعي المسارات القانونية اللازمة لإقرار ترحيل المهاجر من أراضيها.

ثم عاد ليؤكد أن ترامب “يتعامل مع الملف كونه موضوعا سياسيا، وقد يكون بصدد استغلاله لجذب مزيد من الأصوات الجمهورية المحافظة.

فياض قال إن عدد الذين دخلوا في الفترة الرئاسية لترامب “أكثر من أولئك الذين دخلوا في فترة ولاية بايدن”.

وقال مذكرا بوضع الهجرة خلال فترة ولاية ترامب الأولى “كانت هناك مسيرات بالآلاف من الرجال والنساء والأطفال الذين هربوا من المافيا ومن الاستغلال في دول أميركا الوسطى مثل هندوراس وغواتيمالا”.

يُذكر أنه خلال سنوات حكم ترامب، كان هناك ما يقدر بنحو 935,089 عملية ترحيل، وفقا لشبكة “أن.بي.سي.نيوز” نقلا عن بيانات هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك.

وحتى فبراير الماضي، كان هناك ما يقدر بنحو 339,751 عملية ترحيل خلال إدارة بايدن.

فياض عاد ليؤكد استحالة ترحيل ملايين الأشخاص قائلا “من الناحية العملية لن يستطيع”. وتابع أن ترامب يستهدف كسب أصوات المحافظين والذين يعتقدون أن تطور الديموغرافيا في الولايات المتحدة لا يخدمهم.

ومضى “هم يعتقدون أنها (الولاية الثانية) فرصتهم الأخيرة لتفادي تغير التشكيلة الديموغرافية في الولايات المتحدة. هذه فرصتهم ليحاولوا تغيير القوانين الخاصة بالهجرة الشرعية قبل غير الشرعية للمحافظة على أغلبيتهم في المجتمع، وترامب فهم ذلك”.

الحرة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى