المقيمون.. وأحوالهم وواجبنا تجاههم؟!

لا يكاد يمر يوم إلا وأتلقى اتصالاً من صديق يريد توظيف أقاربه أو شاب يطلب المساعدة في إيجاد وظيفة، وأغلب أولئك الأخوة والأبناء من مواليد قطر وقد درسوا في مدارسها الحكومية وصرفت عليهم الدولة المبالغ الباهظة وقد حصلوا بعد كل هذه السنوات على أعلى وأرقى الشهادات من أفضل الجامعات العربية والأجنبية اضافة إلى الجامعات القطرية. وانتهى بهم الحال إلى تسول الوظائف حتى في القطاع الخاص!
ويظلون عالة على أهاليهم في وضع صعب لا يد لهم فيه!
ألا تستحق هذه الفئة المهمة في مجتمعنا الالتفات إليها وتنظيم أمورها والاستفادة من تخصصاتهم وخبراتهم بعد كل تلك السنوات من تعليمهم والصرف عليهم وقد اصبحوا جزءا اصيلا من المجتمع والدولة الحديثة؟!
نعم فهناك من يجد وظيفة ما في القطاع الخاص أو العام بطريقة أو بأخرى ولكن برواتب لا تفتح بيوتا ولا تبني مستقبلا ولا تحرك اقتصادا للأسف، وكأنهم بشر لا يستحقون الحياة الحقيقية وهم اجتهدوا ودرسوا بهدف الوصول إلى طموحاتهم المشروعة.. وهذا حق إنساني وشرعي؟!
فمن المهم أن تقوم الجهات المعنية في الدولة مثل وزارة العمل ووزارة التجارة وغرفة التجارة وديوان الخدمة المدنية للاستفادة منهم في سد الشواغر وغيرها بتنظيم هذا الملف المهم جداً، وذلك بالاستفادة من هؤلاء الخريجين بأسلوب علمي وعملي وراق يحفظ الكرامة وتوظيفهم ووضع حد أدنى للرواتب بحسب المهنة والتخصص. وتفضيلهم كونهم مقيمين على غيرهم وأقصد هنا الأولوية في التوظيف في القطاعين العام والخاص قبل التعاقد مع موظفين من الخارج. ففي هذا عدل والحرص على عدم تكدس الدولة بمزيد من البشر.
إن في هذا الإجراء المهم خيرا لجميع الأطراف، الدولة والمجتمع والمقيمين. أما ترك الأمور على عواهنها وفوضى فستكون لها عواقبها وخسران الكثير من الطاقات التي يجب الاستفادة منها ونحن من علمها ودرسها وصرفنا الأموال الطائلة عليهم، فنحن كدولة أولى بالاستفادة بهم بدل أن تقوم الدول الأخرى بالاستفادة من هذا الحصاد الهائل من العلم ونخسر نحن ما زرعناه.
لابد من تنظيم سوق العمل للمقيمين، كما نقوم بتنظيم سوق العمل للمواطنين. فكلاهما مكملان لبعض ولا شك في ذلك.
ويجب بأي حال ألا ننسى جملة أميرنا الراقي الشهيرة الخالدة من على منصبة الأمم المتحدة عام 2017 “اسمحوا لي في هذه المناسبة ومن على هذه المنصة أن أعبر عن اعتزازي بشعبي القطري، ومعه المقيمون على أرض قطر من مختلف الجنسيات والثقافات”.
وما تضمنه خطاب سموه السامي في افتتاح دور الانعقاد 48 لمجلس الشورى، حيث أكد أن المقيمين شركاء في التنمية التي تشهدها البلاد، قائلا «إخواننا المقيمون معنا في قطر ليسوا هنا بمنة، بل بفضل عملهم الذي لا يمكننا الاستغناء عنه، ومساهمتهم المقدرة في بناء هذا البلد».
أو ليس من واجب الجهات المختصة ترجمة كلمة سمو الأمير إلى خطوات على أرض الواقع؟
جاسم ابراهيم فخرو – الشرق القطرية