تحقيقات وتقارير

طموح خليجي لزيادة مداخيل السياحة عبر «التأشيرة الموحدة»

تتطلع الدول الخليجية لتفعيل التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة نظراً لدورها المتوقع في رفع حصة السياحة التي تركز عليها أغلب دول المنطقة في ظل أهمية هذا القطاع في تنويع الموارد السياحية بعيداً عن موارد النفط والغاز الطبيعي التي اعتمدت عليها دول الخليج بشكل كبير وواسع طوال العقود الخمسة الماضية، وما يعزز الآمال في التوسع وتنشيط التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، التي هي تأشيرة موحدة أقرها المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي في البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع قادة دول المجلس في 5 ديسمبر 2023، وذلك عقب القمة الخليجية 44 التي عقدت في الدوحة في قطر، حيث من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ خلال عامي 2024 و2025م بحسب جاهزية الأنظمة الداخلية لدول التعاون.

نمو الناتج المحلي الخليجي

وفي هذا الشأن قال وليد السبيعي المتخصص في قطاعي السفر والسياحة لـ «الرياض»: «لا شك أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج عامة لديها توجه كبير لدعم القطاع السياحي نظراً لدورها المؤثر في نمو الناتج المحلي، وتسهيل التأشيرات السياحية لعشرات الدول المستهدفة لرفع حصة السياحية في دول الخليج والذي يعد عاملاً مهماً وبارزاً للنهوض بالقطاع والعمل على تنميته، وزيادة فرص العمل المرتبط بنشاط السياحة والسفر، والخدمات اللوجستية التي تشكل رافداً اقتصادياً مهماً لصناعة السياحة».

ويضيف السبيعي: «إن تنشيط التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، التي قد أقرها المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي نهاية العام الماضي تسير في اتجاه الخطوات التي ستحقق رفع إيرادات وريع لقطاع السياحة الوافدة خاصة من أميركا وأوروبا، ومن دول آسيوية مستهدفة، وعلى رأسها الصين واليابان والهند، فهذه الدول وجميع من يحصل على الإقامة أو التأشيرة الأوروبية «الشينغن» وكذلك التأشيرة للولايات المتحدة الأميركية، يعتبر مرحباً به ومستهدف من الجهات المنظمة للسياحة في الدول الخليجية، ولذا سوف نرى من العام المقبل زيادة واضحة في السياحة الوافدة لمحيطنا الخليجي بشكل أوسع بمجر تفعيل التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، فقرب دول الخليج من بعضها البعض وتشابه مقوماتها السياحية وبنيتها التي تستقبل السياح من فنادق ووسائل النقل ومنتجعات متعددة سيكون لها دور كبير وأثر في جذب المزيد من السواح من عشرات الدول الأجنبية المستهدفة».

وقال السبيعي في ختام حديثه: «إن نجاح تسويق برامج مشتركة للوفود السياحية سواء من أوروبا أو من آسيا عامل مهم للتوسع في التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، حيث إن السائح الأجنبي لديه ثقافة حب الاستطلاع والانضمام لبرامج تمتد لأكثر من أسبوع وتشمل أكثر من وجهة في منطقة إقليمية متقاربة مثل دول الخليج، وبالطبع مع نجاح التجربة سنرى توسعاً فيها، واهتمام بتسويقها من خلال المعارض السياحية الكبرى التي تنظم في أوروبا وآسيا على وجه الخصوص».

قفزة تاريخية للسياحة السعودية

من جانبه قال عبدالرحمن الصانع المختص في قطاع الفنادق، في حديثه لـ»الرياض»: «إنه بمجرد إقرار تنشيط التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، من خلال قادة دول المجلس في نهاية العام المنصرم، ينظر المختصين في هذا القطاع لنجاح التجربة الأوروبية التي تتيح من خلال تأشيرة واحدة زيارة دول عديدة، بحيث تعبر حدودها بكل سهولة وكأنك تسير في مدن نفس الدولة برغم من أن هناك لغات متعددة وحتى ثقافات متنوعة بين الشعوب الأوروبية نفسها، ولهذا السبب نحن في دول الخليج مرشحون لتحقيق نجاح فعلي في تفعيل التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، والتوسع بها سواء في هذا العام أو العام المقبل، ونحن في المملكة العربية السعودية حققنا قفزة تاريخية منذ أن أقرت التأشيرة السياحة الإلكترونية الميسرة لعدد من الدول المستهدفة في سبتمبر 2019 حيث بدأنا بعدد 49 دولة فقط، وقد أصبح إصدار تأشيرات القدوم إلى المملكة أكثر سهولةً ويسراً، حيث توفر المملكة عدداً من التأشيرات التي تتيح جميعها السياحة وحضور الفعاليات، وأداء العمرة والزيارة، والتجول في جميع أنحاء المملكة؛ وهي تأشيرة العمرة، وتأشيرة السياحة، وتأشيرة المرور، وتأشيرة الأهل والأصدقاء، مع تمكين مواطني 66 دولة من إصدار التأشيرة الإلكترونية مسبقاً أو لدى الوصول، بالإضافة للمقيمين بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وحاملي تأشيرات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والشنغن، والمقيمين بدول مجلس التعاون الخليجي».

وأضاف الصانع: «إن تشابه مقومات دول الخليج في البنية السياحية وخاصة المطارات ووسائل النقل والفنادق، فدول المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر تعمل على تسويق العديد من الوجهات السياحية التي تقدم منتجات سياحية مكملة لبعضها البعض، ومرشح لها أن تنجح إذا قدمت للسياح من أوروبا وآسيا كباقات مشتركة لزيارة معالم تاريخية وحضارية في الدول الثلاث، خاصة أن السياح الأجانب يفضلون التحرك في مجموعات كبيرة مما يسهم في جذبهم للمشاركة في برامج مشتركة لزيارة أكثر من دولة خليجية بنفس التأشيرة، وهو توفر عليهم في جانب وسائل النقل وخاصة الطيران نظراً لقدومهم بلدان بعيداً نسبياً عن دولنا الخليجية، وكذلك الحال لبعض السياح من آسيا ومن أبرزهم سواح الصين واليابان، فالصين تحديداً من أكبر الدول المصدرة للسياحة الوافدة لجميع دول العالم، وهم غالباً يتحركون في برامج مجموعات تسويقية سياحية تتضمن جهات متعددة في نفس الرحلة».

السياح الصينيين

وتطلع جميع دول الخليج للحصول على حصة أكبر من سواح الصين، مع إقرار التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، حيث توضح الأرقام أن عدد السياح الصينيين المغادرين الذين يزورون الشرق الأوسط قد ارتفع بين الربع الأول من عام 2023 والربع الأول من عام 2024 بنسبة 54 %، مع كون دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية الوجهات الأولى في المنطقة بالنسبة للمسافرين الصينيين، وفي عام 2023، حيث شكلت الصين 10 % من السفر العالمي، بإنفاق جماعي يقارب 265 مليار دولار. الدافع الرئيس للسياح الصينيين إلى الخارج هو التجارب الثقافية التي يمكنهم الاستمتاع بها في الوجهات الأجنبية، فيما يتعلق بوقت سفرهم، فإن المواسم البارزة هي عطلة عيد العمال، واليوم الوطني الصيني، وعيد الربيع».

ووفقاً لبحث من شركة هواوي، فإن 66 % من الأشخاص الذين يسافرون إلى الشرق الأوسط يتطلعون إلى الانخراط في تجارب ثقافية، كما أن غالبية السياح الصينيين المغادرين تحفزهم عوامل مثل العروض الفاخرة والمعالم الرياضية.

وقالت دانييل كيرتس مديرة معرض سوق السفر العربي في منطقة الشرق الأوسط: «يشهد قطاع السفر في منطقة الخليج نمواً في حجم الاستثمار، ولكن من الواضح أنه يمكن القيام بالمزيد لرعاية رواد الأعمال والشركات الناشئة. ورغم أن الخبراء المتحدثون أقروا بوجود العديد من التحديات في مجال توفير التمويل المطلوب، إلا أنه هناك إمكانات كبيرة للنمو في هذا المجال»، منوهين بأهمية التغلب على تحديات مختلفة من قبل رواد الأعمال الذين يسعون وراء الحصول على الاستثمارات، مثل مستويات المخاطر وأوقات الانتظار الطويلة للحصول على العائدات. ومع ذلك، يرى المختصون في القطاع السياحي أن الشركات الناشئة التي لديها قيمة حقيقية قادرة على جذب الداعمين المناسبين.

وسلط مشاركون في جلسة نظمت على هامش معرض سوق السفر العربي في دبي الأسبوع الماضي الضوء أيضاً على الأهمية المتزايدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والويب 3 والعملات الرقمية المشفرة في تأمين الدعم المالي، ورغم أن هذه التقنيات قد تكون نقاط تركيز ثانوية بالنسبة لغالبية رواد الأعمال في مجال السفر، فقد أكد الخبراء على أهمية دمج أحدث الابتكارات في استراتيجيات الأعمال عند تقديم العروض للمستثمرين.

وشدد مارجو كونستانتين من «ماكينزي» على أهمية إحداث تحول في عقلية المستثمرين والممولين، قائلاً: «إذا نظرت إلى عملائنا المهتمين بالاستثمار في السفر والسياحة في الشرق الأوسط، فإن 90 % يركزون على مجموعة من المعايير المحدد. ولذلك نحن بحاجة إلى تغيير في توقعات المستثمرين واهتماماتهم لتعزيز ريادة الأعمال في قطاع السفر في المنطقة».

جريدة الرياض

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى