أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

قضايا “ازدراء الأديان” و”الفسق” في مصر.. قمع للحريات أم حماية للمجتمع؟

أعادت قضايا تعرض لها مدونون مصريون، الجدل المتكرر في المجتمع المصري بشأن قوانين يعتبرها حقوقيون “قمعا لحرية التعبير”.
ومؤخرا، أصدرت محكمة مصرية قرارا بحبس المدون، شريف جابر، لمدة 5 سنوات بتهمة “التحريض على الإلحاد” بعد نشره فيديوهات “تزدري الدين الإسلامي”.
وفي غضون ذلك، ألقت السلطات القبض على المدونة، هدير عبدالرازق، بعد اتهامها بـ “التحريض على الفسق والفجور” لنشرها مقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي تستعرض فيها ملابس داخلية.
ورغم إصرار بعض القانونيين على ضرورة “إلغاء” المواد القانونية المجرمة لتلك الأفعال التي “تندرج في إطار حرية التعبير”، فإن البعض الآخر يرى ضرورة “تغليظ” العقوبات “حفاظا على قيم المجتمع المصري”.

“قضاء متشدد”
المحام والمدافع البارز عن حقوق الإنسان، نجاد البرعي، تحدث لموقع قناة “الحرة” مطالبا بضرورة “إعادة النظر” في المواد المتعلقة بـ “ازدراء الأديان” و”قيم الأسرة المصرية”.
وقال البرعي إنه على الرغم من أن القضاء يطبق نصوصا قانونية، فإنه “أصبح متشددا في إيقاع العقوبات” بشكل “لا مبرر له”.
وأضاف: “لابد من إعادة النظر في قانون ازدراء الأديان الذي وضعه (الرئيس المصري الأسبق محمد أنور) السادات في السبعينات بهدف القضاء على الفتنة الطائفية آنذاك”.
واستطرد قائلا: “كان هناك أصل وسبب لوضع القانون والآن لا توجد فتنة طائفية والعالم انفتح بوجود الإنترنت … شخص غير مؤمن بربنا هو حر في ذلك”.
وطبقا للمادة 98 (و) من قانون العقوبات المصري، فإنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تجاوز 1000 جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية”.

وقال البرعي إن “هذه المادة تتنافى مع الدستور المصري ووجودها معيب دستوريا ومن ناحية القانون الدولي”.

ووصف المادة الأخرى المتعلقة بـ “قيم الأسرة المصرية” بـ “اللقيطة” التي “لا أصل لها”، مضيفا: “لا يوجد شيء اسمه قيم الأسرة المصرية؛ لأنه لا توجد قيم مشتركة للأسرة وهي تختلف من مدينة لأخرى في البلاد”.

وتنص المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مصر الصادر عام 2018 على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الاسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياه الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة”.
وتسببت هذه المادة بجدل واسع في مصر خلال السنوات الماضية بعد أن تعرضت كثير من المؤثرات اللواتي يظهرن على وسائل التواصل الاجتماعي للملاحقات القانونية بسببها، لا سيما أولئك الفتيات اللائي يرتدين ملابسا يعتبرها البعض “غير محتشمة”.
ومن بين اللواتي تمت ملاحقتهن قانونيا بسبب هذه المادة المدونة، مودة الأدهم، وقبلها الطالبة حنين حسام لنشرها مقاطع فيديو اعتبرت “مسيئة”.
ويرى البرعي أنه “بعد دخول الإنترنت، أصبح المجتمع (المصري) منفتحا على العالم ولا يوجد شيء اسمه مجتمع محافظ … الآن أي مجتمع في العالم منفتح ويوجد فيه آراء مختلفة وهذه سمة المجتمعات الحية”. وقال إن العائلات المصرية تخشى على أبنائها لأنها “لا تريد بذل مجهودا” لتربيهم ومنحهن الآراء السليمة.

“انحلال”
ومع ذلك، يؤيد آخرون تلك الإجراءات والملاحقات القانونية “حفاظا على قيم ومبادئ المجتمع المصري المحافظ”.
وقال المحامي المصري، نبيه الوحش، في حديث لموقع “الحرة” إنه “قلبا وقالبا مع حرية التعبير بحيث لا تضر بأخلاق المجتمع”.
وتساءل: “من يقول إن ازدراء الأديان تندرج ضمن إطار حرية التعبير … نحن في الدول العربية ينقصنا حماية الأخلاق فهي أهم من حماية الحدود”.
وأضاف: “لو لدينا مجتمع يحترم أخلاقه، لن يستطيع أحد اختراقنا من الخارج بغزو ثقافي … نحن مع العولمة التي لا تضر بالثوابت لأننا مجتمع محافظ”.
أما بالنسبة للمواد القانونية الآنفة ذكرا، فيرى الوحش أنه “يجب تشديدها وتغليظها” على اعتبار أن “ضعفها” أحد أسباب انتشار ما وصفه بـ “الانحلال”.
وقال: “بالنسبة للمادة 98 (و) فأنا أطالب بتشديد عقوبتها للمؤبد مع الأشغال الشاقة حماية للأخلاق … أما المادة المتعلقة بالفسق والفجور فتوجب تشديدها إلى السجن 10 سنوات”.
وبجانب ضعف القوانين، وفقا للوحش، فإن “سوء تربية الآباء لأبنائهم وسوق الأخلاق والبحث عن المال هي أسباب أخرى لانتشار تلك الظواهر”.
وقال إنه “عندما تسوء الأخلاق في مصر فذلك يؤثر على جميع الدول العربية أيضا”.

الحرة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى