آراء

فلتقر عينك

كم هو دافئ ذاك الشعور الذي يربّت على قلبك، ويحضن مهجة فؤادك، يطمئنك أنك تماماً حيثما أنت في مكانك الصحيح، في توقيتك الصائب، وأنه لم يفتك شيء، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن كل شيء بمقدار، لا تُقدم ساعة ولا تُستأخر، وأنه لو اجتمع خلق الله كلهم أجمعين على منفعتك أو ضرك بشيء لم يكتبه الله لك أو عليك فلن تنال إلا ما هو مكتوب لك.

وأنك مُطالب بالسعي لا المُحصلة، لهذا فالطريق طريقك، والرحلة رحلتك، لا خوف ولا حزن، قد قرّت عينك، واطمأن فؤادك، ولملمت شعث نفسك، قد أسلمت أمرك، وسلمّت وجهك، تترقى في مقامات النور، بلا ندمٍ على ماضٍ ولا أسف على ما حلّ وانقضى، تقوم وتصحح الوجهة كلما وقعت، وتتعلم مما أخطأت، وتستغفر عما أذنبت، وتتوب عما اقترفت، متلذذا بالتجربة، متطلعا للاستكشاف، مطمئن النفس، مبتهج الخاطر، قرير العين مع رب يصنعك على عينه، ويفيض عليك حناناً من لدنه، حفيّاً بك، يغمرك برحماته، ويسبغ عليك ألطافه ظاهرةً وخفيّة، يبدل لك الحال والمآل بلمح البصر، ويُعلي لك المنزلة والمقام بفضله وكرمه في طرفة عين .

ذاك الشعور الذي يجعلك متصلاً بحبل الله المتين، متنعماً تحت سلطانه القديم بفيض آلائه وكرمه، قد ذُللت لك الدُنيا فتمشي في مناكبها، وتأكل من رزقه، فلا ينقصك سوى أن تُبصر آيات البارئ في خلقك، وفي السماوات والأرض من حولك، وتعمل شاكراً حامداً، ممتناً لفضله العظيم، مستمتعاً بالرحلة، متيقناً بمدبرها، لا تستقدم منها شيئاً ولا تسطبؤه.

  لحظة إدراك :

من أعظم الإدراكات الحقّة أن تعلم أنه ليس هناك ما هو من المفترض أن يقع في قصة حياتك ولم يحدث، وليس هناك ما أنت متأخر عليه، ولا سابق له، وليس هناك مسار مفترض يجب أن تسير عليه أيامك تُشبه به من حولك، الحياة حياتك، والتجربة تجربتك، والتدبير تدبير ربك العليم الحكيم ، فلتقر عينك ولا تحزن على ما فات، وليطمئن قلبك فلا تخف مما هو آت، ولتدم السعي ولا تقف، فليس لك إلا ما سعيت، وسعيك سوف يُرى عاجلاً أو آجلاً.

خولة البوعينين – الشرق القطرية

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى