تحقيقات وتقارير

جرائم الاحتيال الإلكتروني تتصيد كبار السن

حذر متخصصون، من جرائم احتيال إلكتروني تتصيد كبار السن مستغلة ضعف الوعي التكنولوجي لدى بعضهم، لافتين إلى استخدام الرسائل الإلكترونية المشبوهة وحتى المكالمات التي تبدو رسمية، في محاولة للاستيلاء على أموالهم أو معلوماتهم الشخصية بطرق ملتوية، مؤكدين أن الإجراءات والقوانين الضابطة تشكل عاملاً للردع والوقاية من هذه الجرائم إلا أن الوعي يبقى مهماً بقدر القوانين والإجراءات.

وقال المتخصصون، إن التثقيف الرقمي ضروري للغاية من خلال تنظيم جلسات تعليمية حول أساسيات الأمان الإلكتروني وكيفية استخدام الإنترنت والبريد الإلكتروني بأمان، مع توخي الحذر من الرسائل المشبوهة وعدم فتح روابط أو مرفقات ترد من مصادر غير معروفة، أو الانسياق وراء العروض المضللة، لاسيما تلك التي تطلب معلومات شخصية أو مالية.

تثقيف رقمي

وأكد العميد سعيد الهاجري، مدير إدارة المباحث الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، الحاجة لرفع مستوى الوعي والتثقيف الرقمي لمواجهة هذا التحدي، مشيراً إلى أن الأطفال وكبار السن أكثر الفئات عرضة لمثل هذه الأعمال الاحتيالية، نتيجة قلة وعيهم بالتعامل مع التقنيات الحديثة والمتطورة، داعياً إلى الانتباه للتطبيقات والتأكد من الإعلانات، لاسيما الترويجية والتأكد من أنها حقيقية، مشيراً إلى إيلائهم في شرطة دبي للجانب التوعوي مساحة كبيرة في الخطط والبرامج.

وشدد المحامي علي الحمادي، على أن قانون دولة الإمارات يُعد من بين الأكثر تقدماً عالمياً في مواجهة تلك الجرائم، مؤكداً الجهود المستمرة للدولة في المكافحة وتوفير بيئة رقمية آمنة لجميع المستخدمين، مشيراً إلى أن الجريمة الإلكترونية من أبشع الجرائم التي تواجه الأفراد، خاصة عندما تقع على كبار السن الذين يكونون أقل وعياً بهذه التقنية التي تتطور كل يوم.

طرق احتيالية

وأوضح الحمادي، أن جريمة النصب والاحتيال الإلكتروني تتم من خلال استخدام الجاني لطرق احتيالية، واتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، ويعاقب القانون بالمادة 40 منه جريمة الاحتيال الإلكتروني بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تقل عن 250.000 درهم ولا تزيد على مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وأوضح أن هذه الفئة العمرية مستهدفة، ومن أمثلة هذه القضايا أن رجلاً في نهاية العقد السادس ورده اتصال من أحد المجرمين يدعي أن له شحنة من البريد كهدية وعليه أن يرسل رقم التأكيد الذي يصله عبر رسالة الهاتف حتى يتمكن من إيصالها له وعندما تبين الرجل أن الرسالة قادمة من حسابه البنكي وهو رمز التحويل، قام بإغلاق المحادثة وأخبر أبناءه وقاموا بدورهم بالدخول إلى موقع الشرطة والإبلاغ عن الواقعة.

ريادة قوانين

وذكر الحمادي، أن الحصول على بيانات الحسابات البنكية للكبار في العمر بالحيلة يعد عاملاً رئيساً في جعلهم ضحايا الاحتيال الهاتفي، مشيراً إلى أنه رغم حملات التوعية المكثفة التي أطلقتها النيابة العامة، والشرطة، والبنوك، وهيئة تنظيم الاتصالات، بضرورة عدم الكشف عن أي بيانات سرية لأي شخص، يقع البعض في هذا الفخ، مشيراً إلى وجود العديد من القضايا التي يتكبد فيها الضحايا خسائر مالية، وهو أمر يبرز أهمية استمرار جهود التوعية وتعزيز الوعي بأخطار مشاركة المعلومات السرية.

وذكر أن دولة الإمارات رائدة في مجال متابعة التكنولوجيا، ما يتناسب مع استراتيجيتها الحكومية الرقمية حيث أدى هذا الاهتمام المتزايد إلى فرض رقابة على طرق التكنولوجيا وتنظيم الاستخدام الرقمي حيث تم إصدار القانون الاتحادي رقم 34 لعام 2021 لمكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، والذي يفرض عقوبات صارمة على المخالفين ويُعد من التشريعات المتقدمة في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية، ما يعكس التزام الإمارات بمواجهة التحديات الأمنية على الإنترنت.

ودعا الحمادي، أفراد المجتمع إلى تبني سلوكيات إيجابية تشمل التزامهم بالتصرف بشكل مسؤول في استخدام التكنولوجيا، ومراعاة الأمان الرقمي، وتعزيز الوعي لهم ولأفراد أسرهم بخطر وسائل التواصل الاجتماعي والاحتيال والجرائم الإلكترونية الأخرى، وأيضاً التبليغ عن أنشطة مشبوهة أو جرائم إلكترونية للسلطات المختصة، مساهمين بذلك في تعزيز بيئة رقمية واعية وآمنة.

رسائل توعوية

بدورها، دعت المستشارة التربوية، هبة محمد عبدالرحمن، إلى مواصلة بث رسائل توعوية تلامس عقول تلك الفئة العمرية، وتمكنهم من المهارات الإلكترونية على الوجه الأكمل، لافتة إلى أن الاحتيال على تلك الفئة العمرية يعد أمراً سهلاً للمحتالين، ما يتمخض عنه الحاجة إلى بناء حوارات وتواصل مستمر مع تلك الفئة العمرية لمعرفة الحوارات التي دارت بينهم وبين الأشخاص الآخرين وردة فعلهم وإبداء الملاحظات أو التوجيهات إذا لزم الأمر، مقترحة على البنوك حصر العملاء ذوي الفئة العمرية الكبيرة من عمر 65 فما فوق ومتابعة معاملاتهم البنكية والتواصل مع أصحاب الحسابات عند الشك.

استهداف وأسباب

ويعزو محمد البستاوي، باحث دكتوراه في التربية، استهداف كبار السن والأطفال تحديداً من قبل المحتالين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأسباب عدة منها قلة خبرتهم في استخدام الإنترنت، وعدم امتلاكهم المعرفة الكافية بمخاطر الإنترنت وطرق الحماية من جرائمها، ما يجعلهم عرضة للاحتيال بسهولة، ورغبتهم في التواصل الاجتماعي لأنهم قد يشعرون بالوحدة ما يجعلهم أكثر عرضة للتواصل مع أشخاص غرباء على الإنترنت، فضلاً عن سهولة استغلال مشاعرهم، فقد يستغل المبتزون مشاعر كبار السن مثل الخوف أو القلق أو الشعور بالذنب لابتزازهم.

ونصح البستاوي ولتفادي الابتزاز الرقمي، بالاستجابة لطلبات المبتز أو دفع أي أموال له، لأن ذلك سيُشجعه على الاستمرار، وإبلاغ الشرطة أو الجهات المختصة عن جريمة الابتزاز، حتى يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وتوعية كبار السن والأطفال بمخاطر الإنترنت وطرق الحماية من جرائمه.

من جهتها، قالت لينة محمد من أكاديمية المستقبل الدولي ومن الطالبات الفاعلات في بث الوعي الرقمي: من المهم اتخاذ خطوات وقائية لحماية أنفسنا من هذه الجريمة، مثل عدم التواصل مع أشخاص غرباء على الإنترنت، وعدم مشاركة المعلومات الشخصية، فضلاً عن إبلاغ الجهات المختصة عن أي جريمة ابتزاز، محذرة من الروابط المشبوهة، والعمل على نشر الثقافة الرقمية لحماية المجتمع من مخاطر الابتزاز الرقمي.

صحيفة البيان

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى