أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

“الرياض” تناقش قرار إعادة فتح فروع للجامعات في المحافظات

حذر تقرير دراسة أداء وزارة التعليم للعام المالي 43-1444 من قرار إغلاق بعض فروع الجامعات في المحافظات والمناطق ذات الكثافة السكانية والبعيدة عن المقار الرئيسة، ونبهت لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى خلال دراستها التقرير السنوي لوزارة التعليم على تبعات هذا القرار من ضياع فرص التحاق طلاب وطالبات متميزين بالتعليم الجامعي، يمكن الاستثمار في قدراتهم وتميزهم للمساهمة في تنمية واقتصاد الوطن، وأكد تقرير اللجنة الذي ناقشه المجلس ثم صوت على توصياتها وأقرها في جلسته العادية 41 من أعمال السنة الثالثة للدورة الثامنة التي عقدها يوم الثلاثاء الـ24 من ذو القعدة الماضي برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل بن فهم السُلمي.

فروع الكليات ممارسات عالمية

“الرياض” تناقش ملف إغلاق فروع الجامعات من خلال تقرير لجنة التعليم بمجلس الشورى وأعضاء شورى وأكاديميين مختصين في مجال التعليم وكفاءة الإنفاق، فحسب تقرير لجنة التعليم الشوريًّة يعتبر وجود فروع للكليات في مناطق بعيدة عن المقار الرئيسة من الممارسات العالمية في الدول المتقدمة في التعليم الجامعي مثل أميركا وبريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزلندا واليابان وغيرها، وهذه الكليات تتبع جامعات تعتبر من أفضل الجامعات حسب التصنيفات العالمية، وبين تقرير لجنة التعليم والبحث العلمي أن غياب هذه الكليات ببعض الجامعات أفضى إلى دراسة حلول بديلة لتغطية احتياج أبناء تلك المناطق للتعليم الجامعي، ومنها اقتراح فتح كليات تخصصية بدلاً من فروع الكليات التي تم إيقافها؛ مما قد يؤثر على كفاءة الإنفاق من خلال ضخ ميزانيات كبيرة للمعامل واستقطاب كفاءات بشرية لفتح هذه الكليات وهذا يزيد من مخاوف ضعف جودة مخرجات التعلم، كما أن وجود فروع للكليات بتخصصات نوعية ومتميزة وأحياناً غير متكررة في المقر الرئيس للجامعة بناء على الميز النسبية للمناطق التي تقع فيها، يُعد خياراً استراتيجياً يعزز كفاءة الإنفاق وبدعم الاقتصاد الوطني والتنمية من خلال ضخ خريجين متميزين بتخصصات نوعية لسوق العمل، ويزيد من فرص التعليم الجامعي.

قرار الشورى

وبشأن قرار مجلس الشورى الذي رفعه إلى مقام الملك وتضمن المطالبة بدراسة الآثار المترتبة على إغلاق بعض فروع الجامعات في المحافظات والمناطق ذات الكثافة السكانية والبعيدة عن المقار الرئيسة والنظر في إعادة فتحها وفق معايير تضمن جودة مخرجاتها التعليمية، فقد أشار تقرير تعليمية المجلس إلى أن الجامعات بادرت بإغلاق العديد من فروع الكليات الموجودة في مناطق ومحافظات فيها كثافة سكانية عالية وبعيدة عن المقار الرئيسة للجامعات، وذلك استجابة للقرار الذي أصدره مجلس شؤون الجامعات في بداية شهر جمادى الآخرة عام 1443 القاضي بإيقاف القبول في فروع الكليات التي لم يصدر بإنشائها قرارات من مجلس التعليم العالي أو مجلس شؤون الجامعات، ونبهت اللجنة إلى أن هذه الكليات كانت تستقبل عدداً كبيراً من خريجي المرحلة الثانوية، وتؤكد تعليمية الشورى أهمية فتح فروع الكليات وفق معايير عالية الدقة مبنية على دراسات عميقة، تأخذ بعين الاعتبار الكثافة السكانية، وبعد المناطق عن مقار الجامعات الرئيسة ومستوى الطلاب في التعليم العام، والاختبارات الوطنية والدولية والمسابقات العالمية وفق تخصصات نوعية تعتمد على احتياجات سوق العمل والميز النسبية للمناطق، ويضمن عدم التوسع اللامحدود فيها، كما يضمن جودة مخرجاتها بقدرة تنافسية لخريجيها مع خريجي المقار الرئيسة للجامعات.

إغلاق فروع الجامعات ليس دقيقاً

ويبين الدكتور عبدالله عمر النجار عضو مجلس الشورى أن ما تم تداوله بشأن موضوع قيام وزارة التعليم بإغلاق بعض فروع الجامعات في المحافظات والمناطق ذات الكثافة السكانية والبعيدة عن المقار الرئيسة للجامعات قد لا يكون دقيق 100 %، فالحاصل في الميدان هو قيام وزارة التعليم من خلال اللجان المتخصصة بإعادة هيكلة الكليات الجامعية في فروع الجامعات من اجل استحداث برامج تأهيل تخصصية وتطبيقية وخاصة في مستوى الدبلومات وفي تخصصات موائمة للفرص الوظيفية في سوق العمل في المناطق التي تتواجد فيها والتي تدعم المتطلبات الوطنية لتنمية تلك المناطق، والعمل وبشكل مباشر بتنفيذ خطتها والبدء في قبول الطلاب في برامجها التخصصية، وهذه مبادرة وطنية تعمل عليها وزارة التعليم كأحد مبادرات ومستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية لغرض تحويل 40 كلية نظرية والمنتشرة في بعض محافظات ومدن المملكة إلى كليات تطبيقية (صحية، تقنية، وهندسية) ضمن الحزمة الأولى لهذه المبادرة، ليصل عدد الكليات التطبيقية في المملكة إلى 75 كلية تطبيقية سواء في مقار الجامعات الرئيسة أو في فروع الجامعات المنتشرة في المدن والمحافظات، وتعمل هذه المبادرة على ترشيد القبول في البرامج الأكاديمية النظرية الأخرى في تلك الكليات غير المتوافقة مع احتياجات سوق العمل السعودي، والعمل تدريجيا إلى إغلاق عشرات التخصصات غير النوعية في الجامعات والكليات والتي لا يحتاجها سوق العمل السعودي، مع زيادة أعداد القبول في الكليات التطبيقية من خلال استيعاب الطلاب والطالبات في أكثر من 80 برنامجاً تطبيقياً تعد أكثر توائماً مع احتياجات التنمية وسوق العمل ومتوافقة مع تطلعات رؤية المملكة بجعل المملكة مقرا رئيسا للكثير من الشركات العالمية الكبيرة والتي بطبيعة الحال تحتاج إلى كوادر وطنية مؤهلة في تخصصات تطبيقية نوعية تحرص هذه الكليات من خلال برامجها التخصصية لتأهيلهم وإعدادهم بالشكل المناسب والمطلوب.

احتياج المناطق وسوق العمل

ويضيف الدكتور النجار: وقد حُددَت البرامج المقدمة في هذه الكليات التطبيقية من خلال واقع سوق العمل السعودي، والتصنيف السعودي للمهن، واحتياج المناطق والمحافظات التي تقع فيها هذه الكليات، والعمل على ربط هذه البرامج التطبيقية بشهادات مهنية وتدريب ميداني مع جهات تخصصية محلية وعالمية، حيث تؤهل البرامج المقدمة من هذه الكليات التطبيقية الطلاب والطالبات لاكتساب الجوانب المهارية المطلوبة؛ ليتمكنوا من المنافسة في سد الاحتياج الوطني لمتطلبات سوق العمل.

الأثر السلبي على الأسر والخدمات

الدكتور وافي حماد البلوي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود ووالوكيل السابق للجامعة السعودية الإلكترونية والمستشار السابق في وزارتي التعليم والاقتصاد والتخطيط، يؤكد أن قرار بعض الجامعات إغلاق فروعها في بعض المدن والبلدات النائية جاء نتيجة لدراسة جدوى الاستمرار في تلك الفروع لزيادة التكلفة ولضعف المخرجات وعدم ارتباطها بشكل ملائم مع سوق العمل، لذا ربما كان لتلك القرارات أثرا سلبيا على المواطنين وعلى مستوى تقديم الخدمة في تلك الفروع وكذلك امتد الأثر السلبي على المدن الرئيسية المجاورة على مستوى اشمل، وربما تسببت هذه القرارات بهجرة للعديد من الأسر والعائلات طلبا لتلبية احتياجات أبنائها وبناتها للخدمات التعليمية مما تسبب في ضغط على الخدمات الصحية والبلدية والإسكان في المدن الرئيسية.

الآثار الاجتماعية

ويرى الدكتور البلوي أستاذ نظم المعلومات الإدارية المشارك بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود أنه قد يكون للقرار آثار اجتماعية متعددة، منها تشتت بعض الأسر وسعها لتلبية احتياجات أبنائها، كذلك بعد الأبناء والبنات عن الأسرة في وقت حرج، ربما يعرضهم للعديد من المخاطر الأخلاقية والاجتماعية، أما من ناحية اقتصادية، فكان لتلك القرارات أثرا سلبيا كبير على الأسر وعلى المجتمع، زاد الضغط المالي وأثر ذلك على مدخرات الأسر، وسعيها لتلبية الاحتياجات الأساسية ومنها التعليم، على حساب الاحتياجات الأخرى.

علاج تبعات إغلاق بعض الفروع

وبشأن العلاج الأسرع والأفضل لمواجهة تبعات إغلاق فروع بعض الجامعات، يرى د. البلوي الذي عمل مديرا تنفيذيا في هيئة كفاءة الإنفاق والمشاريع الحكومية في المجال الأكاديمي ومنتدبا في الملحقية الثقافية بالولايات المتحدة الأميركية، أن العلاج يبدأ من تحليل كل حال على حدة، وعدم التعامل معها بشكل موحد، فلكل فرع من الفروع وضعه الخاص به، وتحدياته وكذلك فرصه المتنوعة، ودراسة التخصصات المطلوبة لتلك الفروع ومدى ملائمتها لخطط التنمية القطاعية والمناطقية، وتحديد أولويات تلك الفروع مهم لإعادة تشغيلها وفتحتها للطلاب من جديد، ويضيف البلوي: لابد من دراسة الاحتياج لكل تخصص وتحديد الدرجة العلمية المطلوبة والمجالات الوظيفية المتاحة لكل برنامج، كذلك لابد من دراسة نموذج التشغيل المناسب، والشركة مع القطاع الخاص من خلال PPP المناسب، خصوصا أن نظام المنافسات والمشتريات الحكومية يشجع على اسلوب المشاركة في الدخل، لإتمام الشراكة مع القطاع الخاص وتشغيل تلك الفروع بكفاءة أعلى.

ضعف المخرجات

ورداً على سؤال حول اعتبار وجود فروع للكليات في مناطق بعيدة عن المقار الرئيسة من الممارسات العالمية في الدول المتقدمة في التعليم الجامعي، وحسب تقرير متخصص غياب هذه الكليات ببعض الجامعات أفضى إلى دراسة حلول بديلة لتغطية احتياج أبناء تلك المناطق للتعليم الجامعي، ومنها اقتراح فتح كليات تخصصية بدلاً من فروع الكليات التي تم إيقافها؛ وعن ما مدى واقعية هذا القرار ومدى تأثير يمكن هذا التوجه على كفاءة الإنفاق من خلال ضخ ميزانيات كبيرة للمعامل واستقطاب كفاءات بشرية لفتح هذه الكليات وزيادة مخاوف ضعف جودة مخرجات التعليم..؟ يجيب الدكتور وافي البلوي: بحكم خبرتي في مجال التعليم ومجال كفاءة الإنفاق لا أعتقد أن إغلاق هذه الفروع نتيجة لضعف التشغيل، وإنما تكمن المشكلة في ضعف المخرجات وضعف ارتباطها بسوق العمل فالممارسات العالمية تؤكد على إنشاء المدن الجامعية في المدن الطرفية وفي الارياف والبلدات الصغيرة، وفي هذا كفاءة إنفاق عالية، حيث تقل تكلفة الأرض بشكل كبير، ومنها أيضا تنمية للمجتمع المحلي للمساهمة في الناتج الوطني بشكل أفضل، فضلا عن توفير فرص عمل للمجتمع المحلي مما يخف ضمن نسب البطالة ويساهم في تحقيق المستهدفات الاستراتيجية للوطن، وينبه الدكتور البلوي على ضرورة تشجيع الاستثمار في البلدات والمدن الصغيرة من خلال التسهيلات الحكومية الامتيازات التي تمنح للمستثمرين، وكذلك من خلال توفير المنح الدراسية لأبناء تلك المناطق وتشجيعهم على التعليم النوعي الذي يراعي الميزات التنافسية لتلك المناطق والبلدات.

إبقاء الكليات النوعية

وبشأن مشكلة إغلاق الكليات أو برامج البكالوريوس في فروع الجامعات وتحويلها إلى دبلومات وفي مداخلة على تقرير وزارة التعليم للعام 43-1444 نقل عضو الشورى الدكتور صالح محمد الشمراني تجربة شخصية في ثلاث جامعات مختلفة بفروعها وقال إن الإغلاق كان لسببين حفاظا على الجودة، وتحقيقا لكفاء الإنفاق والتوفير، لكن للأسف هذا يتنافى تماما مع المبدأ الأساسي والرئيس لفتح هذ الكليات في الفروع وهو تطوير وتنمية المدن الصغيرة والهجر والقرى، وتخفيف الضغط عن المقرات الرئيسة للجامعات، وربما الحل الوسط هو إبقاء “بعض وليس كل” الكليات النوعية لمرحلة البكالوريوس مع الدبلومات كتفرد وميزة تنموية لفروع الجامعات، وبقية الكليات والبرامج في المقر الرئيس، كما هو معمول به في الدول المتقدمة.

صحيفة الرياض

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى