تحقيقات وتقارير

أمهات وربات بيوت يبحثن عن حلول لتقليل التأثيرات السلبية للعالم الافتراضي

أحدثت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تحولا كبيرا في شكل وطريقة تفاعلنا مع العالم من حولنا، ورغم الفوائد الكثيرة التي جلبتها معها، فإن هناك تأثيرات سلبية على العلاقات الاجتماعية والعائلية.

وأحد أبرز التأثيرات السلبية هو انشغال الأفراد بوسائل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تقليل الاهتمام والتفاعل الحقيقي في العلاقات الاجتماعية؛ فتفضيل قضاء الوقت أمام الشاشة بدلا من قضاء الوقت مع العائلة أو الأصدقاء يقلل من جودة العلاقات ويؤثر على التواصل الحقيقي. كما تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى انعزال الأفراد وتقليل حياتهم الاجتماعية، ويبقى الأشخاص متصلين عبر الإنترنت والتفاعل مع الآخرين دون الحاجة إلى اللقاء الحقيقي، فيؤدي ذلك إلى تقليل الفرص للخروج والتواصل الحقيقي، ما يؤثر في قدرة الأفراد على بناء علاقات اجتماعية قوية خارج العالم الافتراضي.

علاوة على ذلك، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون مصدرًا للتوتر والصراع داخل العائلات والعلاقات الشخصية. فمن خلال الانخراط في مناقشات مثيرة للجدل أو تبادل الآراء السلبية، يمكن أن تزيد وسائل التواصل الاجتماعي من التوتر داخل العائلة وتؤثر على نوعية العلاقات.

حول التأثيرات السلبية التي يمكن أن تحدثها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية والعائلية، توجهت «عمان» إلى عدد من ربات البيوت لتستفسر عن مدى تأثر الأسر بسلبيات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية إيجاد التوازن بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي.

انعزال الأفراد

تقول ضحى محمد، معلمة وربة ومنزل: يجب أن نكون حذرين من تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا الاجتماعية والعاطفية، ونحاول العثور على التوازن بين الحياة الافتراضية والواقعية للحفاظ على علاقات اجتماعية صحية وإيجابية؛ لأن وسائل التواصل الاجتماعي هي سبب انشغال أفراد العائلة بأجهزتهم الذكية، مما يؤدي إلى انعزالهم عن بعضهم البعض وعن العلاقات الاجتماعية الواقعية.

وتضيف أن الاعتماد الكبير على الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، يجعل الناس يجدون أنفسهم في العالم الافتراضي أكثر من العالم الحقيقي ما يؤدي إلى تقليل فرص التواصل الحقيقي وبناء العلاقات مع الآخرين، مشيرة إلى أن التفاعل المستمر مع الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى الانعزال والانفصال عن المجتمع ويؤثر سلبا على صحتهم النفسية والعاطفية وعلى قدرتهم على بناء علاقات صحية.

زيادة التوتر

وترى بسمة السيابية، ربة منزل بأن التكنولوجيا تفرّق الأفراد داخل العائلة بسبب الاعتماد الزائد على الأجهزة الذكية، وهذا يؤدي إلى زيادة التوتر العائلي الذي يؤثر على العلاقات الأسرية والتواصل بين أفراد الأسرة، وتضيف: نحن نلاحظ أن هناك زيادة في التوتر العائلي في الآونة الأخيرة لعدة عوامل منها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. ولأن التكنولوجيا أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياة الناس في العصر الحديث، فهي توفر وسائل سهلة وسريعة للتواصل والتفاعل مع الآخرين، إلا أن الاعتماد الزائد عليها يؤدي إلى تفرّق الأفراد داخل العائلة الواحدة.

وتستذكر السيابية الماضي وتوضح في الأمس القريب كانت العائلة تؤدي دورا أساسيا في حياة الأفراد، حيث كانوا يقضون وقتا طويلا معا في النقاشات والأنشطة الاجتماعية، ولكن مع تطور التكنولوجيا، بات الأفراد مشغولين بالهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى انخفاض التواصل والتفاعل الحقيقي بينهم، وبدلا من الجلوس معا ومناقشة الأمور اليومية، أصبح كل شخص منغمسا في عالمه الافتراضي، ناهيك عن حدوث صراعات داخل العائلة، إذا ما حاول الآباء التدخل وتحديد قواعد لاستخدام الأجهزة الذكية، أو وقت استخدامها، ما ولّد تأثيرا مباشرا في العلاقات الحقيقية ما بين التوتر والتأثير سلبا على جودة العلاقات الأسرية.

وفي رأيي يجب أن يكون هناك توازن بين الاستخدام السليم للتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي، وبين الوقت المخصص للتفاعل والتواصل مع أفراد العائلة وبناء علاقات قوية معهم، كما يمكن اتخاذ إجراءات مثل تحديد وقت محدد لاستخدام الأجهزة الذكية، وتنظيم أنشطة عائلية منتظمة لتعزيز التواصل والتفاعل بين أفراد الأسرة.

وتؤكد السيابية على ضرورة الإدراك بأن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مفيدة إذا تم استخدامها بشكل سليم ومتوازن، وعلى العائلات أن تعمل للحفاظ على التواصل الحقيقي والقيم داخل الأسرة.

إدمان الاستخدام

تبيّن سامية الحومانية، ربة منزل أن الاعتماد على التكنولوجيا في حياتنا أصبح نوعا من الإدمان وهو الإدمان الرقمي، وتضيف بأنه منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل الارتباط والتواصل مع الآخرين في أي وقت وفي أي مكان، ويؤدي الاستخدام المفرط إلى الإدمان الرقمي. وتضيف: يجب أن نفهم بأن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي مفيدة وضرورية في حياتنا اليومية، ولكن يجب أن يكون هناك توازن في استخدامها، موضحة بأن العديد من الأنشطة الاجتماعية حاليا تحولت إلى التكنولوجيا مما أدى إلى الانعزال عن العالم الحقيقي والتركيز الشديد على العالم الافتراضي. ويمكن لهذا التأثير أن يؤدي إلى نقصان القدرة على التواصل والتفاعل الاجتماعي في الحياة الحقيقية، مما يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء والعائلة، كما يتسبب في الإهمال العائلي، وقد يغطي التفاعل عبر الشاشة على التواصل الحقيقي مع أفراد العائلة مما يؤثر سلبا على الروابط العائلية والعلاقات الاجتماعية، لذلك أنصح بتحديد وقت محدد لاستخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، وإبقاء الهواتف بعيدة عند التفاعل مع الآخرين، والبحث عن هوايات بديلة تقلل الاعتماد على التكنولوجيا.

التواصل الحقيقي

تشير منى الحسنية، باحثة نفسية وربة منزل بأن الاعتماد على التكنولوجيا يؤثر على التواصل الواقعي بين الأشخاص حيث يمكن أن يؤدي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات الرقمية إلى تقليل الفرص للتفاعل الواقعي واللقاء المباشر مع الآخرين، مما يمكن أن يؤثر سلبا على جودة العلاقات الاجتماعية والشعور بالانتماء والتفاهم بين الأفراد. وتضيف الحسنية أن العديد من الأشخاص في العصر الحديث يعيشون محاطين بالتكنولوجيا، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، ورغم أن هذه التكنولوجيا قد جعلت التواصل بين الأفراد أسهل وأسرع، فإنها في الوقت نفسه أدت إلى نقص في التواصل الفعلي بين الناس، سواء عن طريق الحضور الجسدي أو التفاعل المباشر بين الناس، مما يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية والصحة العقلية، وجودة العلاقات الاجتماعية. ونحن نعلم بأن الاتصال عبر الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي يتيح للأشخاص التواصل على مدار الساعة، إلا أنه قد يؤدي إلى فقدان جوانب مهمة من التواصل الاجتماعي مثل لغة الجسد وتبادل الانطباعات والمشاعر بشكل مباشر، وهذا يمكن أن يؤدي إلى فرص أقل لفهم الآخرين وبناء علاقات قوية وعميقة.

وتلفت منى الحسنية إلى أن نقص التواصل الحقيقي يؤثر على الصحة العقلية، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الشعور بالوحدة والانعزال نتيجة قلة التفاعل والتواصل يؤدي إلى زيادة المشكلات الصحية العقلية مثل الاكتئاب والقلق، وإذا لم نكن قادرين على بناء علاقات اجتماعية قوية وداعمة بشكل جيد، يمكن أن يؤثر ذلك سلبا على صحتنا العقلية. وتتابع: لذلك من المهم أن نجد التوازن في استخدام التكنولوجيا إلى جانب اللقاءات الحقيقية والتفاعلات الواقعية مع الآخرين، مؤكدة على ضرورة أن نبذل جهدًا لتخصيص وقت للالتقاء والتفاعل الاجتماعي في العالم الحقيقي، لنحافظ على صحة علاقاتنا الاجتماعية وصحتنا العقلية.

التفاعل الاجتماعي

من جانبها تقول عبير اللمكية، أخصائية اجتماعية إن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وقد بدأت تؤدي دورا مهما في تشكيل وتغيير أنماط التفاعل الاجتماعي بين الأفراد، ويعتقد البعض أن هذا التأثير قد يؤدي إلى تغيرات سلبية في قدرتنا على التواصل والتفاعل بشكل صحيح، بينما يرى البعض الآخر أنه قد يحمل تحسينات إيجابية في هذا الصدد.

وأوضحت أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى تغيير في طريقة تفاعل الأفراد مع بعضهم البعض، وفيما يتعلق بالتواصل الشخصي، قد يؤدي الاعتماد الزائد على الرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى نقص في التواصل اللفظي وغير اللفظي، مما يمكن أن يؤدي إلى فقدان القدرة على التعبير عن العواطف والمشاعر بشكل صحيح، وبالتالي، قد يؤدي ذلك إلى صعوبة في فهم الآخرين وفهم التحديات الاجتماعية بشكل أفضل، كما أن الاستخدام المستمر للتكنولوجيا يؤدي إلى تقليل الاتصال الحقيقي بين الناس. وتبيّن أنه قد يشعر بعض الأفراد بأنهم أكثر قربا من أصدقائهم وعائلاتهم من خلال التواصل عبر الإنترنت، مما قد يقلل من الرغبة في الالتقاء والتفاعل وجها لوجه، وهذا قد يؤدي إلى عزل اجتماعي وانخفاض مستوى التواصل الحقيقي. وفي المقابل تشير آراء أخرى إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يحمل بعض التحسينات الإيجابية في أنماط التفاعل الاجتماعي، فقد يوفر الإنترنت فرصا للتواصل مع الأشخاص الذين يعيشون في بلدان أخرى أو في مناطق نائية، ما يفتح آفاقا جديدة للتفاعل والتواصل الثقافي، كما يمكن أن يفيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تحسين القدرة على التواصل والتفاعل الاجتماعي لدى الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي هذه الحالة، قد تكون التكنولوجيا وسيلة مهمة لتوفير فرص جديدة للتواصل والتفاعل بشكل صحيح.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى