تحقيقات وتقارير

اقتصاديون: تأمين غذاء الكويت بالاستثمار الزراعي في الخارج

اتخذت وزارة التجارة والصناعة الكويتية عددا من القرارات المهمة للحفاظ على الأمن الغذائي في البلاد، ومن أهمها منع تصدير البيض واللحوم ومنع ذبح إناث الماشية، وجاءت تلك القرارات مع ارتفاع التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب وانعكاسها على حركة التجارة العالمية وسلاسل التوريد والإمدادات العالمية التي تعاني أصلا من حالة عدم استقرار، الأمر الذي يهدد بارتفاع أسعار السلع ومعدلات التضخم عالميا.

«الأنباء» استطلعت آراء عدد من الفعاليات المتخصصة والذين اجمعوا على ان تلك القرارات تصب في مصلحة المستهلك الكويتي، خصوصا مع ارتفاع تكاليف الشحن البحري، ورأت ان هذه القرارات لن تكون كافية على المدى البعيد، ما لم تصاحبها خطوات أخرى أكثر أهمية، من بينها تأمين الاحتياجات الغذائية للمواطنين من خلال منظومة متكاملة من التشريعات والقرارات.وأضافوا ان العديد من دول المنطقة قامت بالاستثمار في هذا الجانب من خلال تملك أراض زراعية ضخمة في الخارج، وتملك حصص في شركات غذائية عالمية، حتى أصبحت هذه الدول مصدرة للعديد من السلع الغذائية لدول المنطقة. وفيما يلي التفاصيل:

في البداية، أكد مدير إدارة الرقابة التجارية بوزارة التجارة والصناعة منصور النزهان، أن كافة القرارات الوزارية التي أصدرها وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب محمد العيبان، والتي تتعلق بجانب الأمن الغذائي، جاءت بعد رصد ميداني دقيق للسوق المحلي، للتعرف على حاجة الأسواق من السلع الغذائية الاستراتيجية، ومدى توافرها في الأسواق، فضلا عن متابعة أسعارها بشكل مستمر.وأضاف: الهدف الرئيسي من وراء قرار منع تصدير اللحوم ومنع ذبح إناث الماشية، ومنع تصدير البيض هو الحفاظ على الأمن الغذائي للبلاد في هذه الفترة بالذات، لاسيما في ظل التغيرات والأحداث السياسية المتسارعة في المنطقة وفي البحر الأحمر والتي أثرت على حركة النقل والتجارة بشكل عام.

أما بالنسبة لقرار حظر تجزئة الخضار والفواكه وبيعها في عبوات صغيرة، فقال إن هذا القرار يهدف إلى تحقيق أكثر من هدف للمستهلك، لعل أهمها تخفيض الأسعار على المستهلك، والقضاء على الغش التجاري في الوزن والمنشأ والنوع، مؤكدا أن المستهلك سيتلمس الأثر الإيجابي لمثل هذه القرارات بشكل تدريجي خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وبعد ان تدخل فعليا حيز التطبيق.

من جانبه، أشاد رئيس الاتحاد الكويتي لأصحاب المطاعم والمقاهي والتجهيزات، فهد الأربش، بقرارات الأمن الغذائي التي أصدرتها التجارة، والتي من بينها قرار منع تصدير البيض وقرار منع تصدير المواشي المحلية والمستوردة من الكويت للخارج، مؤكدا أنها قرارات إيجابية تصب في صالح استقرار الأسعار وضمان توافر السلع الأساسية للمواطنين والمقيمين.وأضاف ان الكثير من دول العالم تلجأ لمثل هذه القرارات في حال ارتفاع الطلب ونقص المعروض، ذلك أن مثل هذه القرارات من شأنها ان تحافظ على السلع في السوق المحلي وتحد من ارتفاع أسعارها.

وأشار إلى أن الكويت عانت ومازالت تعاني من تبعات نقص «البصل» في الأسواق، خاصة بعد أن أوقفت الدول الرئيسية المصدرة للبصل تصدير منتجاتها للخارج، حيث شهدت الأسواق المحلية ارتفاع أسعار البصل الذي يتوقع له أن يواصل ارتفاعه خلال الأسابيع القادمة، خاصة إذا ما عرفنا أن المصدر الرئيسي للبصل وهي «الهند» لن تستأنف التصدير إلا بعد 15 مارس المقبل، محذرا في الوقت ذاته من مشكلة قادمة في أسعار البصل وهي مشكلة متكررة في السوق الكويتي خلال فترات معينة من كل عام.

وتابع يقول إن المشكلة الحالية لن تكون في نقص «البصل» فقط، وإنما قد تنتقل إلى «الأزر» الذي أوقفت الدول المصدرة تصديره للخارج كذلك، وإن كانت هذه الأزمة لم تظهر على السطح في الكويت حتى الآن، فذلك سببه أن الكويت تحتفظ بمخزون استراتيجي يكفيها لمدة سنة على الأقل من هذه السلعة الضرورية التي تدخل في كل بيت كويتي.

وحدد الأربش عددا من الحلول التي يجب على الدولة التركيز عليها خلال المرحلة الحالية لضمان استقرار السلع الغذائية بالكويت، لعل من أهمها الاهتمام بالمزارعين الكويتيين ودعمهم من ناحية الماء والكهرباء، بالإضافة إلى توسيع رقعة الاستثمار في الأراضي الزراعية بالخارج، على غرار الكثير من دول المنطقة، خاصة أن الجميع يدرك أن الحروب المقبلة ستكون حروب «الماء» و«الغذاء» وليست الحروب العسكرية التقليدية.بدوره، أكد رئيس الاتحاد الكويتي للأغذية عبدالله البعيجان، ان موضوع الأمن الغذائي لا يمكن أن يقتصر على مجرد إصدار قرارات وقتية، بل انه يجب ان يكون من خلال منظومة متكاملة من التشريعات والقرارات التي تضمن استمراريته على المدى البعيد.

وأضاف أن الاتحاد سبق أن قدم العديد من المذكرات، وشكل العديد من اللجان بالتعاون مع مجلس الوزراء لبحث الحلول المناسبة للأمن الغذائي، إلا أن أي من هذه القرارات لم تر النور، بل أنها تنتهي بمجرد انتهاء الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، رغم أن الأمن الغذائي لا يقل أهمية عن الأمن العسكري أو الاستخباراتي.

وأكد البعيجان أنه لا يمكن تحقيق منظومة الأمن الغذائي بدون وجود مخازن استراتيجية بالبلاد، وبدون وجود صناعات غذائية.

وقال ان العديد من دول المنطقة استثمرت مؤخرا في شركات غذائية عالمية أو مساحات زراعية ضخمة في دول مختلفة، حتى أصبحت هي المزود الرئيسي للعديد من دول المنطقة، مؤكدا على ضرورة أن تتخذ الكويت مثل هذه الخطوات في أسرع وقت ممكن لضمان الأمن الغذائي للبلاد على المدى الطويل.

طارق عرابي – الأنباء الكويتية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى