تحقيقات وتقارير

إحداهما سارّة.. الاقتصاد المصري يتلقى مفاجأتين في وقت واحد

في وقت تلقى الاقتصاد المصري دفعة إيجابية معنوية تمثلت بتصريحات وزيرة الخزانة الأميركية الأربعاء، شهدت “السندات المصرية” استبعادها من مؤشر بنك “جي.بي مورغان” للسندات الحكومية للأسواق الناشئة.

وتعهدت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الأربعاء، بتقديم الولايات المتحدة دعما للاقتصاد وللإصلاحات في مصر، وهو ما أعطى دفعة للسندات السيادية المصرية التي ارتفعت أكثر من 1.3 سنت.

في المقابل، قال “جي.بي مورغان”، في بيان، إن “مصر خاضعة لمراقبة المؤشر، منذ سبتمبر عام 2023، على خلفية مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبية الجوهرية التي أبلغ عنها مستثمرون يتم الرجوع إليهم”.

وقلل خبراء اقتصاد مصريون من تأثير قرار “جي.بي مورغان” على الاقتصاد المصري على المدى المتوسط على الأقل، مشيرين إلى أنه لم يعكس مؤشرات الاقتصاد المصري الحقيقية.

وأشاروا في حديث لموقع “الحرة” إلى أن هذا القرار لن يضع الاقتصاد المصري في مرحلة “الخطر”، خاصة مع النتائج الإيجابية لاجتماعات الفريق الاقتصادي المصري التي يجريها في واشنطن.

وتعاني مصر بالفعل من ارتفاع مستويات الدين الأجنبي، وتأثرت بشدة بالحرب في قطاع غزة التي تهدد بتعطيل حجوزات السياحة وواردات الغاز الطبيعي، وكذلك بالهجمات في الآونة الأخيرة على السفن في البحر الأحمر.

وقال المحلل الاقتصادي المصري، وائل نحاس، إن قرار “جي. بي. مورغان” كان “مبالغا فيه، إذ أنه لا يزال يضع العديد من الدول التي مؤشراتها الاقتصادية ليست بجودة الاقتصاد المصري ضمن تصنيفه”.

وأضاف في حديث لموقع “الحرة” إن “جي. بي مورغان كان قد أبلغ مصر بأنها تخضع للمراقبة منذ سبتمبر الماضي، وكان يمكنه خفض درجة التصنيف من دون استبعاد مصر من مؤشر السندات الحكومية للأسواق الناشئة إذا لم يجد مؤشرات إيجابية في اقتصاد البلاد”.

ويشرح أن هذا القرار يوجه رسالة للمستثمرين بأن “تكلفة المخاطر لإقراض مصر مرتفعة، وأن هناك عدم ثقة في قدرة مصر على السداد”، وهو ما “يعاكس التصريحات الهامة لمسؤوليين اقتصاديين أميركيين ودوليين الذي وضعوا ثقتهم في الاقتصاد المصري ومساره”.

وقال “جي. بي مورغان” إن مصر أبقت حتى 29 ديسمبر على وزن 0.61 في المئة في المؤشر العالمي المتنوع. ومصر لها 13 من السندات بالجنيه المصري في مؤشراتها، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.

ووفقا لبيانات تريد ويب، الأربعاء، ارتفعت جميع السندات الدولارية لمصر، وزاد سعر استحقاق مارس 2024 إلى 98 سنتا للدولار. وحققت أسعار الاستحقاق الأطول أجلا لعامي 2050 و2059 أكبر قدر من المكاسب إذ ارتفعت بأكثر من 1.65 سنت مع اقتراب الأول من 62 سنتا في مقابل الدولار، لكنها لا تزال في نطاق مستويات التعثر، بحسب تقرير لرويترز.

الخبير الاقتصادي المصري، خالد الشافعي، يتفق مع النحاس بأن قرار الاستبعاد “عكس كل الاتجاهات الإيجابية والداعمة للاقتصاد المصري”.

وقال لموقع “الحرة” إن توقيت “القرار ليس مناسبا على الإطلاق، إذ أنه جاء في اليوم ذاته الذي عبرت فيه وزيرة الخزانة الأميركية عن دعم واشنطن للإصلاحات المصرية وتعزيز الاقتصاد المصري”.

وأشار الشافعي إلى أنه حتى “صندوق النقد الدولي يدرس زيادة برنامج القرض المقدم إلى مصر، وهذا لم يكن ليحصل لو لم تكن هناك مؤشرات إيجابية وسط التحديات التي تعانيها البلاد”.

وتجري الدولة المثقلة بالديون محادثات لتوسيع برنامج قرض صندوق النقد الدولي البالغ حجمه ثلاثة مليارات دولار.

وجاء في بيان لوزارة الخزانة أن يلين ناقشت التحديات التي تواجهها مصر جراء حرب غزة خلال اجتماعها مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي ووزيرة التعاون الدولي.

وقالت وزارة الخزانة: “أكدت الوزيرة يلين دعم الولايات المتحدة القوي لمصر وبرنامجها للإصلاح الاقتصادي. وشددت على هدف تعزيز الاقتصاد المصري ودعم النمو الشامل والمستدام”.

والتقى مسؤولون مصريون مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، الثلاثاء. وقالت جورجييفا، في نوفمبر الماضي، إن الصندوق “يدرس بجدية” زيادة برنامج القرض المقدم إلى مصر نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

وقال جيرجيلي أورموسي، الخبير الاستراتيجي في الأسواق الناشئة لدى سوسيتيه جنرال، لوكالة رويترز إن التقييمات الرخيصة نسبيا للسندات المقومة بعملات أجنبية قد تجذب المستثمرين، خاصة بعد تصريحات يلين ومع تقدم السلطات المصرية في المحادثات مع صندوق النقد الدولي لزيادة برنامج قرض قيمته ثلاثة مليارات دولار.

وأضاف “شعوري هو أن برنامج القرض يجب أن يزيد ليصل إلى ما لا يقل عن ستة مليارات دولار حتى لا يخيب أمل السوق، ولكن إذا زاد إلى عشرة مليارات دولار أو أكثر، فمن المؤكد أن ذلك سيكون بمثابة حافز للأصول المصرية على الارتفاع”.

ويرى النحاس أن قرار الاستبعاد لن يؤثر على المدى القريب على الاقتصاد المصري “خاصة في ظل التوقعات بإبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتصريحات الخزانة الأميركية التي أعطت دفعة هامة وقوية للاقتصاد المصري”.

وأشار إلى أنه على المدى البعيد قد يؤثر على “الخطط المستقبلية التي وضعتها السلطات لأدوات الدين المصرية، والتي تشمل السندات والتوريق وغيرها من الأدوات، إذ أن قرار جي. بي مورغان سيزيد من تكاليف الاقتراض”.

وتخوف النحاس من أن نشهد تأثيرات “بوقف بعض المستثمرين أو الصناديق طلبات الشراء لسندات سيادية مصرية، خاصة من قاموا بوضع طلبات (الوعد بالشراء)، إذ قد ينسحب بعضهم من ذلك”، داعيا السلطات المصرية إلى “تأجيل خطط طرح أي سندات أو أدوات أخرى للدين والاكتفاء بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي أو توفير ما يلزم فقط لسداد الالتزام حتى نهاية السنة المالية”.

ويتزايد الضغط على كاهل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي فاز بولاية ثالثة مدتها ست سنوات في ديسمبر، للتعامل مع العملة المبالغ في تقدير قيمتها والتضخم شبه القياسي والديون الأجنبية والمحلية الضخمة.

وخلال الشهر الماضي، بدا أن صندوق النقد الدولي قد حول تركيزه من سعر الصرف إلى السيطرة على التضخم.

وقال الخبير الشافعي إن “الخطة المصرية لإدارة الدين التي وُضِعت، ستجعل من تأثير قرار الاستبعاد محدودا، إذ أن الاقتصاد المصري مرن وقادر على مواجهة الأزمات”.

وأكد أن “قرار الاستبعاد لن يؤثر بتعميق أزمة السيولة الدولارية في مصر، خاصة مع توجه السلطات لتنويع مصادر الدخل من العملات الأجنبية”.
أظهرت بيانات نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، الأربعاء، أن معدل التضخم السنوي في المدن المصرية تراجع إلى 33.7 في المئة في ديسمبر من 34.6 بالمئة في نوفمبر. لكنه جاء أعلى قليلا من متوسط توقعات 14 محللا عند 33.4 بالمئة.

ويتوقع محللون لدى “تيلمر” أن تقوم مصر بتسريع الإصلاحات الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة، بعد التأخير الذي سبق الانتخابات الرئاسية في ديسمبر.

لكن محللين يقولون إن أي ارتفاع يثيره اتفاق محدث مع صندوق النقد الدولي يمكن أن يكون عابرا حتى بدء الإصلاحات، خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف.

وقال أورموسي لرويترز: “إذا حدث مثل هذا الارتفاع، سيفقد مكاسبه مجددا إن لم تبدأ الحكومة في تنفيذ الإصلاحات، والتي من شأنها أيضا تحقيق النتائج المرجوة على صعيد الاقتصاد الكلي”.

وتعثر برنامج القرض المصري، في ديسمبر عام 2022، مع صندوق النقد بعد تقاعس القاهرة عن تعويم عملتها بشكل حر أو إحراز تقدم في بيع أصول الدولة.

وأجّل الصندوق صرف نحو 700 مليون دولار كانت متوقعة في عام 2023، لكنه قال، في ديسمبر، إنه يجري محادثات لتوسيع برنامج الثلاثة مليارات دولار نظرا للمخاطر الاقتصادية الناجمة عن حرب إسرائيل وغزة.

معاذ فريحات – الحرة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى