حوارات

أحمد المفتاح: قطر أول دولة خليجية أدخلت نظام الجوال عام 1994 وأيام الإنجليز عاملوني معاملة جيدة

ضيف مجلس الشرق الخبير في مجال الاتصالات أحمد بن عبدالله المفتاح، من أوائل القطريين الذين اشتغلوا في شركة البرق واللاسلكي، وقد عمل في البداية في الاستقبال وكان الحاجز الأساسي الذي تتحطم أمامه شكاوى المستهلكين، ثم تبوأ مناصب إدارية حتى وصل إلى مدير إدارة تحصيل الديون في أوريدو، واختتم حياته في وظيفة خبير، عمل في الشركة التي اشتغل فيها قرابة (46) عاماً، منذ عام 1971 ولم ينتقل للعمل الحكومي بل ظل في أوريدو حتى تقاعده في عام 2017، لم يكن رياضياً ولكن كان محباً لمشاهدة المباريات، الشرق زارته في مجلسه العامر وغاصت في أعماق ذاكرته واستخرجت ذكريات الزمن الجميل.

ولادتي كانت في براحة الجفيري

أنا من مواليد (براحة الجفيري) بمنطقة الدوحة، وذلك في عام 1946 م، وقد سميت براحة الجفيري على اسم قبيلة الجفيري، التي كانت تقطن في هذه المنطقة، وكانت هذه المنطقة مزدهرة في خمسينيات القرن الماضي، وكانت تسكنها أغلب شرائح المجتمع القطري، وكذلك التجار لقربها من سوق واقف، وكانت منطقة مكتظة بالسكان، وشهدت حراكا تجاريا، كما كانت تتواجد في خمسينيات القرن الماضي أندية قطرية كثيرة، حيث بدأ الشباب الإقبال على ممارسة كرة القدم والانضمام لها لممارسة هوايتهم وشغل وقت فراغهم في هذه الأندية، وأذكر أول كأس دخلت قطر من خارج الحدود أحرزها نادي الشباب الذي فاز بكأس القصيبي عام 1956 في السعودية عندما فاز على نادي الاتفاق السعودي ويقع في نفس المنطقة (براحة الجفيري)، كما كانت فرق الهلال والعروبة، والكفاح ثم الوحدة الأندية الشهيرة عندنا وكذلك نادي الأهلي القديم الذي ترأسه ماجد آل سعد ويقع في نفس المنطقة، وكان نادي النجاح قريبا منهم، وكان الكلاسيكو في فترة ستينيات القرن الماضي بين نادي الوحدة والنجاح ويشهد حضوراً كبيراً لدرجة أن المحلات تقفل أبوابها يوم المباراة، وقد عشت طفولتي في براحة الجفيري وكنت سعيداً جداً، وكان التكاتف والتعاون بين الجميع، وكانت البيوت مفتوحة ومشرّعة أبوابها ويعتبر كل بيت بيتك، ورغم بساطة الحياة لكنها كانت جميلة، ثم بعد زيادة عدد السكان واكتظاظ المنطقة خرج أهلها إلى عدة مناطق ومنها الدوحة الجديدة، فنحن والجفيري وبعض من سكن المنطقة انتقلنا للدوحة الجديدة.

الرياضة قديما كان لها طابع خاص

يؤكد السيد أحمد بن عبدالله المفتاح أن الرياضة لها طابع خاص وحضور جماهيري مميّز وبخاصة في فترة بداية ستينيات القرن الماضي، فكانت المباريات تجذبنا لحضورها وأسماء اللاعبين الرنانة في تلك الفترة، ورغم أنني لم أكن رياضياً ولكن كنت أحرص مع زملائي غير الرياضيين للذهاب إلى استاد الدوحة لمشاهدة المباريات، وكنا ندفع مبلغ خمسة ريالات لمشاهدة المباريات، وكذلك نحضر مباريات الفرق الخارجية القادمة من خارج قطر، كنا نسعد بتذوق صفيحة اللحم بالعجين والزعتر التي يبيعها الباعة المتجولون في استاد الدوحة، كانت حياة بسيطة ولكنها جميلة، أتذكر كانت بعض المتاجر تغلق أبوابها وقت المباراة للذهاب للملعب لمشاهدة المباراة والاستمتاع بها وتشجيع الفريق الذي ينتمون له.

كان إقبالنا بشوق على التعليم

ومع بداية فتح المدارس النظامية كان إقبال الشباب كبيراً على الدراسة، ووضعت الحكومة كثيراً من المحفزات وتشجيع الطلبة على الانضمام للدراسة وأذكر دخلت مدرسة خالد بن الوليد التي كانت تسمى (قطر الابتدائية القديمة) وكنت سعيداً حيث الدراسة والكتب بالمجان، وكذلك يمنحوننا راتبا شهريا قدره (45) روبية، كما خصصت لنا وزارة المعارف كسوة الشتاء والصيف عبارة عن ملابس شتوية، وملابس صيفية وأحذية وغتر وسراويل، كما كانت تخصص لنا وجبة فطور صباحي ووجبة غداء في قسم التغذية القريب من مدرسة خالد بن الوليد، وأقبلنا بشغف على حصص الرياضة والرسم، وكذلك حصة العلوم والمختبرات، والعروض الرياضية، كنا في قمة سعادتنا، وكنا قريبين من المدرسة ونذهب سيراً على الأقدام، أو في بعض الأحيان في باصات الوزارة الجميلة التي كانت تجوب شوارع وأحياء الدوحة لتوصيل الطلبة، وبعد انتقالنا للسكن في الدوحة الجديدة، انتقلت لمدرسة صلاح الدين الأيوبي التي كان مديرها فضيلة الشيخ عبدالله بن إبراهيم الأنصاري لقربها من منزلنا وقد اندمجت وتأقلمت مع نظرائي الطلبة وكانت تعد مدرستنا من أفضل المدارس، وأذكر كانت المنافسة قوية بين الفرق الرياضية في المدرستين، وكنا نستمتع بحصص الرياضة الجميلة.

أيام زمان في القهوة نتجمع

كنا أيام زمان عندما كنا شبابا نجلس ونقضي أوقات فراغنا ونشغلها في الجلوس مع الأصدقاء في المقاهي التي في الفريج ونتذكر تلك القهوة الجميلة التي كنا نجتمع فيها لأنه لم تكن لدينا وسائل الترفيه، كنا نسولف ونعرف أخبار العالم ونشرب الشاي الكرك، أما الآن ومع التطوّر فقد كثرت المغريات وهناك من يقضى وقت فراغه بالذهاب إلى السينما أو غيرها من المحلات والمولات التجارية ومقاهي الفنادق، والممشى والمارينا وكتارا ودرب لوسيل والميناء القديم وسوق واقف وقضاء عطلة نهاية الأسبوع في العنن، أو على شواطئ سيلين.

رغم صغر سني ولكن اضطررت للعمل

رغم صغر سني لكن الظروف اضطرتني للاتجاه إلى سوق العمل، وكنت يومها على مقاعد الدراسة في المرحلة الإعدادية وأدرس في المدارس الليلية المسائية، ولديّ لغة إنجليزية بسيطة وهم محتاجون لشخص يتحدث اللغة الإنجليزية، توجهت إلى شركة البرق واللاسلكي وكانت شركة أجنبية متخصصة في الاتصالات، فتقدمت بطلب للعمل هناك، ولله الحمد تم قبول طلبي في عام 1971 تقريباً، ووظفوني في مكتب الاستقبال (الكاونتر) لكي استقبل المراجعين وأحل مشاكلهم، وتدربت عندهم على الوظيفة، وبدأت التأقلم معهم، وكنت سعيداً بقبولي في العمل، وأول راتب تقاضيته كان (600) ريال قطري، فرحت بالراتب لأنه أول مصدر رزق يدخل عليّ من جراء عملي، وأعطيته للأهل وذلك للصرف على احتياجات البيت وعلى أسرتي.

أيام الإنجليز عاملوني معاملة جيدة

رغم أنني كنت حديث العهد بالعمل الوظيفي فإن المسؤولين الإنجليز في شركة البرق واللاسلكي قد عاملوني معاملة جيدة وذلك لالتزامي وإخلاصي في العمل، كما دربوني من خلال الكورسات على كيفية التعامل مع الزبائن وشاركوني في دورات تأهيلية، وكنت أواجه يومياً مشاكل كثيرة مع الجمهور وأتقبلها بصدر رحب، وكان سلاحي وشعاري هو إرضاء الزبون وكنت دائم الابتسامة في وجه الزبون الغاضب على المبالغ التي في الفاتورة، وقد كنت أشرح لهم بأن الحساب مضبوط وكنت أراجع الفواتير مع الموظفين إرضاء للزبون، وكنت دائماً أحل مشاكلهم خاصة إذا كانت المبالغ كبيرة ولم يتحملوا دفعها مرة واحدة فإنني أقسطها لهم على دفعات حتى يتم الدفع، وقد نجحت في اتباع هذه الخطة وقد أشاد بها كبار المسؤولين في الشركة، وشكروني على التفكير في مثل هذه الأمور التي تفيد الشركة وكذلك تريح الزبون الذي لديه فاتورة كبيرة، وكانت لي علاقات كبيرة مع العملاء والجمهور.

ابتعثوني لبريطانيا للتأهيل في مجال عملي

وبعد أن رأت الشركة إخلاصي في العمل وأحتاج دورات قامت بابتعاثي في دورات عديدة لبريطانيا حيث يقع مقر شركة البرق واللاسلكي هناك، وذلك لاكتساب مزيد من الخبرة وتأهيل الكوادر المنتسبة للشركة لتحسين أدائهم واكتساب المهارات، وكانت تقوم بتوفير السكن والإعاشة والتنقل، وكنت حريصا جداً على حضور الدورات والاستفادة القصوى منها، كما أنني أنهيت المرحلة الثانوية في بريطانيا، وكنت سعيداً بذلك، وحصلت على شهادات عديدة من جراء المشاركة في هذه الدورات وبخاصة من بريطانيا والبحرين والدوحة، ونجحت في التمكن من التحدث والكتابة باللغة الإنجليزية.

عيسى جيرمن أول قطري عمل في شركة البرق واللاسلكي

أذكر كان أول قطري عمل بشركة البرق واللاسلكي هو (عيسى جيرمن) رحمه الله، وأصبحت له شهرة كبيرة في الشركة، وكان يتعامل مع العملاء بأسلوب جذاب، ومع الموظفين بدبلوماسية، وهو الذي أسس قسم الاستعلامات وغيره من الأقسام، وكان مشهوداً له بحسن الخلق والإخلاص والتفاني في العمل، وحل مشاكل الزبائن وتشجيع الموظفين.

خدمات الهاتف في قطر بدأت في عام 1949

التاريخ يشهد أن أول بدالة هاتفية دخلت في قطر كانت في عام 1949، أيام تواجد شركة نفط قطر المحدودة، ومنها بدأت الخدمات الهاتفية البسيطة ثم بالتدريج بدأت في التطور ومواكبة الأحداث العالمية، وهذا يدل دلالة كبيرة على أن قطر بدأت نهضتها مع استخراج البترول وتصديره وذلك في عام 1949 الذي أحدث طفرة كبيرة، وزاد الدخل القومي للبلاد، وهذه بوادر استخراج البترول وتصديره الذي بدأت تهل على قطر بشائر الخيرات وزادت الموازنة.

امتياز إدارة وتشغيل الاتصالات 1951

نجحت شركة البرق واللاسلكي المحدودة في توقيع اتفاقية امتياز وتشغيل الاتصالات الدولية المبرمة بين حكومة قطر والشركة البريطانية شركة البرق واللاسلكي وذلك بتاريخ 11/‏‏1/‏‏1951 م، وقد التزمت الشركة ذاتها لحاكم قطر بموجب اتفاق سنة 1951 بتزويده بهاتف واحد مجاني لاستخدامه الشخصي وبنقل برقياته مجانا لحد ألف كلمة سنويا.

وتم تعديل الاتفاقية المبرمة بتاريخ 29/‏‏6/‏‏1972 م، بين مرفق هاتف قطر الوطني وحكومة قطر وشركة البرق واللاسلكي المحدودة.

مرفق هاتف قطر

أسست في بداية السبعينيات شركة مرفق هاتف قطر الوطني وتختص بالمكالمات المحلية، وتختص شركة البرق واللاسلكي المحدودة بالمكالمات الخارجية والبرقيات والتلكس، وكذلك الإشراف على كل ما يتعلق بالاتصالات في قطر حتى أجهزة الاتصالات التي كانت في مراكز الشرطة القطرية في كل أنحاء قطر في تلك الفترة، وكانت هناك نسبة لمرفق هاتف قطر الوطني ونسبة لشركة البرق واللاسلكي المحدودة المشرفة على تشغيل الاتصالات.

صدور قانون إنشاء المؤسسة القطرية للاتصالات

تم إخطار شركة البرق واللاسلكي المحدودة البريطانية بإنهاء امتياز وتشغيل الاتصالات بدولة قطر، وكذلك إنهاء اتفاقية مرفق هاتف قطر الوطني، وتم إنشاء المؤسسة القطرية للاتصالات السلكية واللاسلكية بقانون رقم (3) لسنة 1987 م، بتاريخ 23 مايو 1987م، وكانت هذه انطلاقة جديدة في عالم الاتصالات، وطبقا لأحكام القانون رقم (21) لسنة 1998 م، فقد تم تحويل المؤسسة القطرية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى شركة مساهمة قطرية تحت مسمى اتصالات قطر (كيوتل).

وأذكر تم في عام 1985 افتتاح المحطة الأرضية للاتصالات الفضائية، وذلك في منطقة مكينس تحت رعاية الأمير الأب صاحب السمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في تلك الفترة، وقام سعادة وزير المواصلات عبدالله بن ناصر السويدي بافتتاح المحطة التي كانت إضافة كبيرة للاتصالات.

قطر أول دولة خليجية أدخلت نظام الجوال

قطر دائماً سباقة في عالم الاتصالات، ونجحت في أن تكون أول دولة خليجية تطرح خدمة الهاتف الجوال وذلك في عام 1994 م، الذي سهل مهمة الاتصالات وأحدث ثورة تكنولوجية، وبعد ذلك دخلت خدمة ( G.S.M) جي.اس. ام، في بقية دول الخليج العربي، كنا في الشركة حريصين على خدمة عملائنا وتقديم الأفضل لهم، وكنا نواكب دائماً التطوير في عالم ثورة الاتصالات، كما أذكر دخل جهاز النداء الآلي (البليب) إلى الخدمة في قطر في 16 نوفمبر من عام 1991 وكان الجمهور يقبل على هذه الخدمة لدرجة كان الازدحام في مكاتب الشركة كبيراً، ومع التطوير ادخل نظام الكيبل فيجن لخدمة العملاء، وأذكر في الثمانينيات كان قد أدخل في قطر نظام هواتف السيارات الذي أحدث ضجة كبيرة في تلك الفترة وكان سعره مرتفعا جداً وقيمته حوالي (36000) ألف ريال قطري، كان تابعا لإدارة المواصلات ثم حول بعد ذلك على كيوتل وقد ألغيت خدمة هاتف السيارات وذلك بعد ظهور خدمة الهاتف الجوال الذي أحدث ثورة تكنولوجية في عالم الاتصالات في يونيو من عام 1996 دخل الانترنت إلى دولة قطر، وفي عام 2007 اطلقت خدمات التلفزيون عبر الإنترنت، وفي عام 2012 اطلقت أوريدو شبكة الألياف الضوئية.

صالح المهندي أول مدير قطري في كيوتل

أذكر بعد أن استلمت شركة ( كيوتل) المهمة، عيّن أول مدير قطري للشركة هو سعادة صالح بن محمد أبو داود المهندي، ثم الشيخ حسن بن خالد آل ثاني، وبعده السيد عزت محمد الرشيد، ثم سعادة محمد إسماعيل العمادي، وبعده حمد بن عبدالله العطية، ود. ناصر معرفية.

رغم كثرة المغريات لكن لم أنتقل من الشركة

رغم كثرة المغريات وزيادة الراتب والمناصب في الحكومة، وانتقال زملائي للعمل في الحكومة، ورغم إلحاحهم الشديد عليّ للانتقال معهم، لكن تلك المغريات لم تثنيني على البقاء في الشركة مخلصاً ووفياً لها، ومع مرور الزمن تمت ترقيتي لعدة مناصب بداية من مقابلة الجمهور في الاستقبال ثم مع الخبرة أصبحت مدير إدارة الاستقبال، ثم مدير مراقبة الديون، ثم إدارة رقابة الديون ثم مدير إدارة تحصيل الديون، ولله الحمد والشكر لم أحتك بأي زميل أو أغضبه بل كان الجميع إخواني وأصدقائي وأكن لهم كل التقدير والاحترام، ورغم تقاعدي عن العمل ظل الجميع أوفياء لي.

حوار: محمد علي المهندي  – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى