آراء

هل يمكن عدم تنفيذ الحكم الجنائي؟

يختلف الأثر القانوني للحكم الصادر في الدعوى الجنائية عن الأحكام ذات الطابع المدني، لأن هذه الأخيرة تصبح حائزة قوة الأمر المقضي به بعد استنفادها طرق الطعن القانونية أو فوات مواعيد تقديمها، لكن الحكم في المادة الجنائية يكون قابلا للتنفيذ بمجرد صدوره، ولا يتوقف تنفيذه على تقديم طعن معين أو أي إجراء آخر، بل يكون الحكم واجب التنفيذ حتى إذا صدر غيابيا في حق المتهم، أي دون ثبوت إعلانه بوجود الدعوى أو حتى دون علمه بصدور حكم جنائي في حقه.

ولعل ذلك راجع لطبيعة القضايا الجنائية التي تستدعي النفاذ معجلا حفاظا على الأمن والاستقرار داخل المجتمع، وللحد من تفشي الجرائم به، خصوصا وأن الحكم القضائي وإن كان غير نهائي فإنه يكون قد صدر بعد سلسلة من التحريات والتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة بمساعدة ضباط الشرطة، والتي تبين من خلالها نسبة الفعل الجرمي للمتهم، والتي تكرست بحكم المحكمة التي تكون قد اقتنعت بإدانته، وبالتالي يصبح من أولويات حماية المجتمع أن يتم التعجيل في التنفيذ مخافة تملص المتهم من العقاب.

ولكن قابلية الحكم الجنائي غير النهائي للتنفيذ، لا تعني الإدانة المطلقة للمتهم، بل بالعكس من ذلك فإن المبدأ الأصيل في قواعد التجريم والعقاب أن «الأصل في المتهم البراءة» بمعنى المتهم يبقى بريئا مبدئيا حتى لو صدر حكم قضائي في حقه لغاية استيفائه طرق الطعن العادية وغير العادية، لأن إجراءات التحري والبحث وملابسات التحقيق أو الظروف التي وجد فيها المتهم أثناء ارتكاب الجريمة المحكوم على إثرها، قد يكون بين سطورها إجحاف في حق المتهم وعدم ظهور براءته بشكل كاف، وبالتالي يكون من غير العادل الشروع في تنفيذ الحكم قبل استنفاده طرق الطعن القانونية.

ولأجل ذلك سمح المشرع القطري في قانون الإجراءات الجنائية بفتح باب للحد من تبعات تنفيذ الحكم الجنائي من خلال إقرار إجراءات الإشكال في التنفيذ.

يقصد بالإشكال في التنفيذ حصول ظرف أو مستجد بعد أن يصدر الحكم القاضي بعقاب المتهم، ويصبح ذلك المستجد مانعا من تنفيذ الحكم ويلزم وقف إجراءاته لغاية زوال ذلك المانع، مثل الحالة التي يقضى بها بحبس المتهم من أجل ارتكابه جريمة معينة، ويتعرض بعد صدور الحكم لحادث يستلزم إجراء عملية دقيقة تستدعي فترة زمنية طويلة من أجل القيام بها والعلاج، ففي هذه الحالة يمكنه تقديم طلب إشكال في التنفيذ ويعرض هذه الوضعية أو الحالة أمام المحكمة المختصة، ولها عندئذ السلطة التقديرية في اتخاذ القرار بشأن ذلك الأمر.

والمشرع عندما نظم إشكالات التنفيذ ضمن قانون الإجراءات الجنائية في المواد من 331 إلى 338 لم يحدد حالات معينة من أجل تقديم طلب الإشكال في التنفيذ، ولم يقدم أمثلة على الأسباب التي تسمح بتقديم هذا الإجراء، بل ترك الأمر مفتوحا أمام ما يستجد من أمور تعوق تنفيذ العقوبة الجنائية، وحسب كل حالة وفق ما يقتنع به القاضي المعروض عليه الأمر.

المحامي عبد الله نويمي الهاجري – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى