آراء

طلقني.. روحي وأنتِ طالق !

من العنوان نبدأ.. كثيرا ما تدور تلك الكلمات للأسف في العديد من البيوت التي غالبا ما تكون حديثي الزواج أو لم يمر على حياتها الزوجية غير سنوات قليلة لا تعد على أصابع اليد.

نعم لقد أصبت بقلق كبير عندما قرأت أن بلادنا قطر تعتبر الثانية في حالات الطلاق التي بلغت ٤٠٪ بالنسبة لدول الخليج، وهذه نسبة كبيرة إذا ما قورنت بمجتمع مثل مجتمعنا القليل الكثافة السكانية، وللأسف اعتقد بل وأجزم أن هذه النسبة صحيحة وذلك لما نراه من حالات الطلاق التي امتلأت ساحات المحاكم في استقبالها ومحاولة وجود ولو ثقب من أمل في إعادة الوئام إلى الأسرة التي سيتم تدمير حياتها بكلمة واحدة لم يكلف الطرف الذي نطقها أن يفكر فيها.

الكثير من حالات الطلاق التي تقع، البعض قد يلقي اللوم فيها على غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج وهذا سبب لبعض التراكمات من الديون والقروض التي ترهق كاهل الرجل فيشعر أن ما يعيشه هو نتيجة ذلك الزواج وتبدأ المشاكل، وقد يلوم البعض الأهل في تدخلهم في حياة الزوجين أو اختلاف الثقافات والبيئة التي لم يلتفت لها أحد قبل الزواج، بل البعض قد ألقى اللوم على خروج المرأة للعمل وغيابها عن البيت وإهمالها له، هذا السبب لا يعد من الأسباب، فالمرأة لم تخرج فقط هذه السنوات للعمل، وعمل الزوجة في قطر بدأ من السبعينيات عندما دخلت المرأة مجال التدريس والقليل في التمريض، ولكن من بداية الثمانينيات تزايد عدد النساء في العمل، أغلبهن تزوجن وأنجبن وحافظن على بيوتهن وحياتهن الزوجية واستطعن التوفيق بين العمل والمنزل رغم قلة الخدم وقتها واعتماد الزوجة على نفسها بمشاركة الزوج الذي كان يساهم في رعاية الأبناء ويتحمل مسؤوليتهم، وهناك الكثير من الأسباب التي طرحت في الندوات والمؤتمرات والأحاديث الصحفية والمقالات وغيرها، ونحن هنا نطرح سببا كبيرا ومؤثرا قد يغيب عن البعض وان كان البعض يعرفه ويتجاهله، ألا وهو البعد عن تعاليم الله عز وجل وما أنعم علينا من نعمة الإسلام الحنيف وسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الكثير من أمور حياتنا وتعاملاتنا ومن مجال الحياة الزوجية، ولم نعد نعمل لذلك أي حساب بل أصبحت المادة والحسب والنسب والأصل هي الاختيار ناهيك عن المستوى الثقافي والبيئة.

فالزواج يبدأ بالخطبة التي قد ينظر فقط فيها من هو الشاب ومن هي الفتاة وما أصلهما ونسبهما وما لدى كل منهما من ثروة ومال ووظيفة مرموقة وننسى أو نتجاهل الدين ومدى التزام كل منهما بتعاليم دينه التي ستقوم عليها أعمدة البيت الذي ستبنى عليه حياتهما، بالإضافة إلى تلك التكاليف الباهظة التي يتكلفها الرجل ليس بطلب من الزوجة في أغلب الأحوال، بل تفاخرا وتباهيا من أهل العريس حتى يجدوا ذلك الصدى من المدح ووجود علامات الدهشة في المجتمع، ناهيك أن عدم وجود نوع من التفاهم بين الزوجين في كثير من الأمور رغم وجود فترة بين الخطبة والزواج يمكن لكل من الطرفين معرفة الآخر والاتفاق على شيء من التنازل والتضحية في بعض الأمور التي قد لا يمكن لأحد الطرفين تحملها ومن ثم التغاضي عنها بالإضافة إلى قلة الصبر منهما على أقل مشكلة تحدث بينهما وأول ما يخطر على بالهما كلمات الطلاق رغم وجود أطفال صغار لا ذنب لهم إلا أنهم أبناء لهؤلاء الذين لم يطق أحدهما الآخر وخاصة في حالة عدم وجود تلك الصفة التي تبنى عليها الحياة الزوجية وذكرها الله عز وجل في كتابه. وقال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليهم وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).

نعم المودة والمحبة ومن ثم الدعوة للتفكر والتعقل قبل اتخاذ أي قرار لانفصال الحياة الزوجية. إن ما يحدث من حالات الطلاق ناهيك عن حالات الخلع التي تقوم بها المرأة أحيانا دون أن يعلم بها الرجل وحتى أهلها والتي أصبحت تمثل شيئا من الظاهرة التي تهدد الحياة الأسرية في مجتمعنا الذي كان متماسكا منسجما ثابتا على تعاليم الدين الحنيف، وكل ذلك يعود إلى تلك المؤثرات التي أصبحت تنقل عن طريق وسائل الإعلام والترفيه ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت الشغل الشاغل للجميع الى جميع المستويات وانتشرت فيها تلك النماذج التي تبث مظاهر الثراء والغنى والملذات وغيرها التي قد يتأثر فيها كل من الطرفين كل حسب اهتماماته وأفسدت الذوق العام وأثر بشكل سلبي على العلاقات الأسرية والاجتماعية وأصبحت بالوحش الكاسر الذي يطوق المجتمع ويخنقه ويفكك الأسر ويشتت الأطفال وتتبعثر الحياة.

إن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة متعمقة من كثير من الجهات في الدولة لتوعية المتزوجين وبث الوعي بأهمية الأسرة والمحافظة عليها.

نعيمة عبدالوهاب المطاوعة – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى