آراء

كاتبة إماراتية: أنا نفسي مادة كتابي

السيرة الذاتية هذا الجنس الأدبي الذي سقط لوهلة من ذاكرتنا العربية، يقول المؤلف فليب لوجون في كتابه ميثاق السيرة الذاتية: «إنها حكي استعادي نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص.

وذلك عندما يركز على حياته الفردية وعلى تاريخ شخصيته بصفة خاصة»، إذن هو فن يقوم على الشفافية والوضوح والذاتية، وهي عناصر أعتقد أنها سلاح كل من أخذ على عاتقه الكتابة والتأليف، لطالما انزعجت ومثلي العشرات من المؤلفين والملفات في المجال الروائي عندما يطرح علينا سؤالاً هل روايتك سيرة ذاتية لحياتك؟!..

فسرعان ما نقوم بالنفي والشرح والتعليل، وأن روايتنا ليست سيرة ذاتية وإنما تخيلات وتأليف لا أكثر لا تمت لحياتنا بصلة، ودون أن نعلم أو ندرك أننا بهذه الممارسة أسقطنا قيمة إنسانية عن منجزاتنا الروائية ونحن نجردها من الحميمية والالتصاق بحياة صانعها ومؤلفها.

ولعل صدق كتابة السيرة الذاتية والتأليف في هذا المجال هو الذي جعلها محل إشادة لتميزها وسر إبداعها، وهذا الجانب هو الذي لمسه الروائي الراحل عبدالرحمن منيف، في كتابه رحلة ضوء، عندما قال:

«إن السيرة الذاتية كصيغ كتابة لها سحر آسر لكاتبها وقارئها معاً، إذ بالإضافة للخصوصية فهي في أغلب الأحيان منطلقة حرة سلسة وفيها كم غير قليل من التفاصيل الحارة وفي بعض الأحيان الساخنة باعتبارها اعترافاً قبل كل شيء، ولأنها استعادة لحياة كانت ذات يوم بكل ما حفلت به من متع وخيبات وجروح وما مازجها من رغبات وأحلام».

أما الكاتب اليوناني مونتاني (1533 – 1592) الذي قال في مفتتح «محاولاته»: «أنا نفسي مادة كتابي» وفي ظني أن هذا هو مكمن الجرح وسببه، فقد وضع هذا الروائي المبدع يده على الجرح.

فهنا نبتعد عن هذا الفن الأدبي لأنه يتناول الخصوصية وفيها تفاصيل حارة وساخنة وفيها اعترافات يظهر أن عقليتنا الحديثة لم تستوعب حقائق الزمن وسر تبدله، فلم نقوَ على الصدق والوضوح والشفافية، رغم أننا كمؤلفين نحمل قيماً تختلف عن الآخرين، لكننا حتى اليوم في خشية من البوح والاعتراف وكتابة سيرة ذاتية، لا تمجيد فيها، بل بوح إنساني رقيق حميم مع القارئ وحسب.

وكذا الاعترافات، ولنا في اعترافات روسو خير مثال، فقد كتب يقول: «أريد أن أقدم لبني جنسي إنساناً في أجلى حقيقته الطبيعية. هذا الإنسان سيكون أنا».

فاطمة المزروعي – صحيفة البيان

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى