تحقيقات وتقارير

لماذا يُعد سلاح المدرعات نقطة فاصلة في حرب السودان؟

لا تزال المعارك مستعرة في محيط مقر سلاح المدرعات، بين الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس الانتقال السيادي عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، ويسعى بها إلى السيطرة على المقر، بمعركة ربما ترجح كفة طرف على آخر في الحرب التي اشتعلت نيرانها منذ أبريل الماضي.

على الأرض، تستمر المعارك في محيط سلاح المدرعات منذ 16 يومًا، حين حشد حميدتي كمًا هائلًا من قوات الدعم السريع، وجهها إلى جنوب الخرطوم في 19 أغسطس الماضي، رغبة منه في السيطرة على المقر الذي ربما يحسم معارك أخرى.

ينظر الرجل إلى هذه الجولة باعتبارها معركة مصير. فرغم تكبده خسائر جسيمة على عدة أصعدة ما بين مئات القتلى في صفوف قواته وآليات عسكرية مدمرة، لا يزال إصراره في السيطرة على المقر دون تراجع، حسبما ذكرت “بي بي سي”.

يمتد مقر سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم على مساحة تزيد عن 20 كيلومترًا، ويتوسط مقر القيادة العامة للجيش وسط العاصمة، والقاعدة العسكرية التابعة لسلاح الجو السوداني في منطقة جبل أولياء.

ويتميز المقر بكونه معقلًا له ثقل عسكري وأثر تاريخي؛ فإلى جانب سلاح المدرعات يضم الموقع مصنع الذخيرة ومصنع اليرموك للأسلحة، الذي كان عرضة للقصف الإسرائيلي عام 2012، بمزاعم تهريب أسلحة مصنعة إلى حركة حماس وحزب الله في لبنان، رغم عدم إثبات أي أدلة على تلك المزاعم.

نقلت “بي بي سي” -عن خبراء- أن السيطرة على سلاح المدرعات هو ما يحدد صاحب الكفة الراجحة خلال الحرب، مشيرين إلى كونه العقبة الأساسية أمام “الدعم السريع” للاستيلاء على مقر القيادة العامة للجيش، حيث ستكون السيطرة أسهل على باقي الوحدات العسكرية، ومن ثم سقوط الخرطوم كاملة في قبضة قوات حميدتي.

تستخدم قوات الدعم السريع سيارات الدفع الرباعي في هجماتها، بينما الآليات العسكرية الوحيدة التي يمكنها القضاء على تلك العربات هي الدبابات المتواجدة في سلاح المدرعات لاحتوائها على رشاشات قوية تُفشل هجمات الدعم السريع، وهو سبب آخر لسعي قوات الدعم السريع جاهدة للاستيلاء على مقر سلاح المدرعات، وفقًا لتصريحات رئيس الأركان السابق في الجيش السوداني الفريق أول ركن إبراهيم سليمان حسن، لصحيفة “إندبندنت عربية”.

من ناحية أخرى، يرى مراقبون، أن حميدتي لطالما أراد نشر قوات تابعة للدعم السريع داخل مقر سلاح المدرعات كما باقي الوحدات العسكرية الأخرى، وقد طلب ذلك بالفعل عندما شغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة قبل اندلاع الحرب في أبريل الماضي، الأمر الذي رفضه القادة العسكريين للمقر، ما شكل دافعًا شخصيًا داخل حميدتي للاستيلاء على المقر.

كذلك، فإن الانتشار العسكري لقوات الدعم السريع قبل الحرب يفسر صدق الرواية عن دوافع حميدتي، الذي دفع بوحدات قواته في معظم مرافق الجيش السوداني بالخرطوم بما يشمل جنود الجيش أيضًا، باستثناء مقر سلاح المدرعات فقط الذي لم يأمن البرهان وقادة الجيش السوداني لتواجد قوات حميدتي به على وجه التحديد.

يقول خبير أمني وعسكري في أكاديمية الأمن العليا في الخرطوم، لم تكشف عنه صحيفة “الإندبندنت”، إن حميدتي شعر بإهانة كبيرة من قبل قادة الجيش خلال زيارته الوحيدة رفقة البرهان لسلاح المدرعات إبان الانقلاب الفاشل في سبتمبر 2021، لذلك يريد السيطرة على المقر بأي ثمن “لاسترداد كرامته”، مع رفض قادة من سلاح المدرعات وقتها وجود أي عناصر من الدعم السريع قرب سلاح المدرعات.

مثّل سلاح المدرعات مطمعًا أساسيًا لقادة جميع الانقلابات العسكرية التي شهدتها السودان منذ استقلالها عام 1956، نظرًا لقدرته على ترجيح كفة الطرف المنتصر في النهاية، بإمكاناته التي تُمهد إغلاق الطرق والجسور وإطلاق النيران الكثيفة.

في عام 1958، نفذ الفريق إبراهيم عبود انقلابًا عسكريًا، نجح فيه بفضل السيطرة على سلاح المدرعات. وتكرر الأمر في انقلاب عام 1969، باستيلاء العقيد جعفر نميري على مقر سلاح المدرعات، وكذلك في عام 1989 حينما شهد السودان انقلابًا آخر بقيادة عمر البشير، بسط فيه نفوذه على مقر سلاح المدرعات واستطاع من خلاله توطيد حكمه.

مصراوي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى