“المكرمية” تمنح معيلات سودانيات في مصر عائداً ماديا وتفرغ طاقتهن السلبية
مئات اللاجئات السودانيات يعشن في مدينة السادس من أكتوبر غرب العاصمة المصرية القاهرة بعد اندلاع الحرب في السودان، الأغلبية منهن فقدن أزواجهن، أو خرجن دونه من الوطن، لتتحول من زوجة وأم إلى مسؤول عن إعالة الأطفال، وهو الأمر الذي يندر أن تتمكن منه في وطن اللجوء.
لكن بين التعثر المادي والمسؤوليات العائلية الثقيلة، تلقت السيدات السودانيات اللاجئات وتحديدا المعيلات منهن خبرا سارا، تمثل في إطلاق عدد من المبادرات المجتعية التي أسسها لاجئون سودانيون، تعني إحداها بتدريب وتشغيل المعيلات في المشغولات اليدوية، وهو ما رصدته “سبوتنيك” في زيارة لهن.
في البداية تقول “مواهب أحمد عثمان” مسؤولة التدريبات والأشغال اليدوية بمبادرة التشغيل: “قدم التدريب للسيدات السودانيات المعيلات، خاصة اللاتي لا يتلقين أية مساعدات من مؤسسات خيرية ومن فقدن أزواجهن، وتتلقى كل سيدة منهن التدريب في فترة تتراوح بين خمسة أيام وأسبوع كحد أقصى، وبعد أن تجتاز كل منهن فترة التدريب تصبح مؤهلة للعمل من المنزل”.
وأضافت “بعد أن تنهي المتدربة صناعة “المكرمية” تسلم القطع التي أنتجتها لنا لتحصل على العمولة الخاصة بها، حيث تتحصل كل سيدة على عمولة 75 جنيها مصريا ( نحو 2.5 دولار) على كل قطعة، وتستطيع كل سيدة حاصلة على التدريب أن تسلم منتجاتها مرتين أسبوعيًا لتحصل على عمولتها، وكل حسب إنتاجها”.
وأشارت مواهب إلى أن بعض السيدات تتمكن من صناعة 4 قطع وبعضهن يبلغ إنتاجها في الأسبوع الواحد 7 أو 8 قطع، لافتة إلى أن ظروف كل سيدة تصنع فارق في إنتاجها.
والمكرمية هي أحد الفنون العربية القديمة، ومن بين مسمياتها “فن الدنتل”، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر، حيث انتشر عند النُساج العرب ومنهم إلى إسبانيا وإيطاليا وكافة أنحاء أوروبا.
ويقوم فن المكرمية على نظم الخيوط وحبكها بشكل أنيق ومحكم، بتصميمات مختلفة تعطي في النهاية شكلا جماليا، بأشكال مختلفة كحقائب اليد والقلائد والديكورات والستائر والسجاد وغيرها.
أما “رفعية محمد بشير”، منسقة التدريب، فقالت : “كانت مهمتي هي تنسيق عدد المتدربات، وعدد الأيام، والفترة الزمينة الخاصة بالتدريب وعملية الإنتاج”.
وتضيف أن أهمية هذا التدريب “تتمثل في استفادة اللاجئات السودانيات المعيلات في الدخل المعيشي، فجميعهن في حاجة لدخل مادي يومي، أو على الأقل لزيادة الدخل، وظروف السودان لا تتحمل ذلك كما أن ظروف وطن الهجرة أيضًا لا توفر لها دخلًا، واختيارنا للسيدات المعيلات كان لأنهن الأكثر احتياجًا”.
وأضافت “رفيعة” : قدمنا التدريب لـ 76 سيدة، ولكن الناتج النهائي للمستفيدات من السيدات النازحات بلغ 41 سيدة، تلقين واستوعبن التدريب وانتهين منه وبدأن العمل وحصلوا على عائد مادي”.
واختتمت منسقة التدريبات، الحديث قائلة : “نحتفل اليوم بتخريج الدفعة الأولى في مبادرة التشغيل، حيث سنسلمهم شهادات”.
أما السودانية “إيمان محمد أحمد”، والتي أنهت فترة التدريب التدريب بنجاح، فقالت: كنازحة متزوجة لديها أطفال في وطن اللجوء، أرى أن أهم مميزات طبيعة التدريب على المكرمية بالنسبة للسيدات المعيلات مثلي هو تفريغ الطاقة في شيء يحقق لك عائدا ماديا، وفي نفس الوقت تفريغ للطاقة السلبية، كما أن صناعة المكرمية لا تمنعك من المهام المنزلية اليومية العادية، وأيضًا لا تعطلك عن أية مهام أخرى ستقومين بها”.
وأضافت “إيمان”: “أيضًا من الأشياء المميزة في التدريب هو أنني استطعت لقاء صديقات جدد في وطن اللجوء، كما أني تعلمت مهنة تدر دخلًا جيدًا، وكذلك حصلت على خبرة في العمل والتسويق وعرفت بطريقة صناعة تصدير المشغولات اليدوية، وأنا شخصيا كنت أعاني ككثيرات من النازحات من حيث التواجد بالمنزل في ظل استحالة الحصول على عمل يوفر دخل جيد”.
وأعربت “إيمان” عن أمنيتها في أن تقبل كل اللاجئات السودانيات على أي تدريب مماثل يوفر لهم فرصة عمل من المنزل.
من جانبها، تقول “مريم عبدالرحمن أحمد”: “فرصة التدريب والعمل كانت مثالية بالنسبة لنا، حيث نعتني بأطفالنا في المنزل، وفي نفس الوقت نحقق عائدًا ماديًا جيدًا، ونحصل على خبرات ونلتقي بثقافات وشخصيات مختلف”.
وأسفرت الحرب في السودان، عن فرار ما يقرب من 3 ملايين شخص نزحوا داخلياً (2.2 مليون) وعبر الحدود إلى البلدان المجاورة (700 ألف)، بسبب الصراع في السودان، بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وبحسب إحصاء للمفوضية، نشرته مطلع أغسطس/آب الجاري بلغ عدد الفارين من السودان إلى مصر أكثر من 279 ألف لاجئ، منذ اندلاع الصراع في السودان.
وقالت المفوضية وقتها: “الأعداد تستمر في التزايد، لقد وجد أكثر من 279 ألف شخص منزلاً جديداً لهم في مصر بعد فرارهم من العنف في السودان”.
“وكالة سبوتنيك”